لاحظنا كثيرا حالات عنف بين الأطفال وبين تلاميذ المدارس وتعجبنا كثيرا كيف يصل أطفالنا لهذه المرحلة من العنف والأعجب من ذلك أن وصل البعض من العنف إلي مرحلة القتل كما سمعنا من وكالات الأنباء وبعض الصحف وهو ما لا يخطر علي بال أحد ولهذا فإن هذا الأمر يحتاج إلي دراسة واهتمام كبير من المحيطين بهم لكي يتعاملوا مع الطفل بوضع يختلف عنه سابقا ..
وللعنف عند الطفل أسباب كثيرة وهي :
أولا : حرمان الطفل من أهم مشاعر لديه ومن حقه النفسي في الحنان والأكثر حنان الأم مع وجود جانب آخر من إشعاره بأنه منبوذ أو غير مرغوب فيه حتي في مراحل السن المبكرة , ومنها مرحلة المهد , حيث أن الطفل يستشعر كل ذلك من خلال ملمس جسمه ومن نبرات الصوت ومن أنفاس المحيطين به فمجرد إعطائه حقه من الحب والحنان يجعله يشعر بالأمان وبأنه كائن حي. . فلا يكاد لا يشعر بعد ذلك بالعدوانية علي المجتمع وبالتالي العدوانية تجاهه يزيد بعد ذلك من شعوره بالنقمة علي المجتمع ويظهر في سلوكه بعد ذلك.. ربما كانت الأم مريضة نفسيا وهناك أمهات يصبن بمقت لمولودهن ولا يظهر هذا الأمر إلا بعد الولادة , وهي حالات نادرة ونجد أن هناك نوع من الأمهات يقتلن أولادهن الصغار كنوع من هذه العدوانية الأم علي ولدها وبالتالي إبعاد الطفل عنها كنوع من الوقاية وحرصا علي سلامته النفسية وعلي حياته عامة ...
ربما افتقد الطفل الحنان من أحد أبويه ولكنه يعوضه من طرف آخر , لكن حين نجد أن الجميع علي وتيرة واحدة من العنف النفسي وغلظة القلب تجاه الطفل الذي هو جزء منهم يجعله يشعر تلقائيا بأنه منبوذ أو غير مهم وهو إما يصيبه بعد ذلك بالعدوانية الشديدة تجاه مجتمعه أو بالانطوائية أو المقت الصامت للمجتمع ..
ثانيا : الجانب التربوي الغلظة الشديدة من الأبوين والتسلط والمراقبة الشديدة من ناحية وحث الطفل علي الاعتداء علي الآخرين أو تلبية مطالبه علي حساب غيره أمور يظنها البعض أنها بسيطة ولكنها في الحقيقة مدمرة وخاصة علي المدي الطويل ...
تجاهل مرحل الطفل السنية واحتياجاته , و
وإشعاره بالدونية المستمرة أو إشعار غيره بالدونية أمامه .
في كل الأحوال كل الغلظة أو الدلال الزائد يصنع ذلك مع فقدان التربية السليمة والمنهج الديني القويم الذي يحتاجه الطفل أثناء مراحله المختلفة لتقويم سلوكياته ...
ثالثا : مجالسة الطفل للشواذ جنسيا ومشاهدته للتعري واللقاءات بين الشواذ يفقده تماماً كل المعايير الأخلاقية مهما حاولوا إصلاحه إلا أن كان مرغما وهو كاره لذلك ومع ذلك فإنه يترك أثراً سلبيا عليه ومخاوف كثيره تلازمه لفترات ممتدة في حياته ....
أيضا جلوسه مع المدمنين والبلطجية وتفاعله معهم يجعله يمتص عدوانية ربما تفوقهم لأن هذه الأمور فوق سنه وتخيله ومتابعته للعلاقة بين والديه بدون تحفظ كل ذلك يسيء تماما إلي تركيبة الطفل وإشعاره بالتمرد علي المحيطين به وغياب الوازع لديه فيكون عرضة لأي مؤثر خارجي ...
فطرة الطفل بطبيعتها تخجل من مثل هذه الأشياء ولكن حين يتجرأ عليها الطفل أو لا يجد ما يصده عنها فإنه يعتبرها أمرا عاديا ويكسر حاجز الخوف منها ...
رابعا المدرسة :
المدرسة لها دور كبير جدا وأساسي في رعاية الطفل وحمايته من كل هذه الوسائل الإجرامية طالما شعر بالأمان وبالثقة والاحترام لمدرسيه ..أو مدرساته.
الخوف الشديد والكره في النهاية ربما أدي إلي العنف كذلك فقدان الاحترام بينه وبين المدرس وشعوره بأنه لا يحبه إلا للحصول علي المال وبأنه يبتزه كل ذلك يجعله لا يثق فيه نهائيا وربما اتخذ لننفسه منهجا أخلاقيا هو الإساءة للآخرين حين يفقد الثقة التامة في كل من حوله وبأنهم لا يحبونه الا لمجرد مصالح شخصية ..
حين تتجرد النفوس من المشاعر الصادقة تجاهه .
حين يجد أن أهل القدوة من المدرسين والمدرسين يظهرون أمامه بمظهر مهذب بينما الواقع سيء أو يعرف عنهم ما يفقده الثقة فيهم ... وخاصة من الأخلاقيات التي يربونه عليها ...وهذا يجعله يفقد الثقة وبالتالي يشعر بالتمرد علي قيم المجتمع عامة
والمدرسة في حالة كونها تؤدي دورها بأمانة وجِد يمكن أن تعوض الخلل في الأسرة , من خلال جودة المعلمين وحبهم لعملهم ...
خامسا : العدوانية تجاه الطفل من المحيطين به وخاصة من زملائه دون وجود عقاب أو مسئول يدافع عنه يشعر بالعدوانية تجاههم لا محالة وخاصة إن كان رد الفعل منهم السخرية والاستهزاء به بأنه ضعيف ومغلوب علي أمره
ولكن مجرد تعاطف الأبوين معه ومحاولة مساعدته في الخلاص من ذلك حتي ولو لم يقدرا علي دفع الضرر عنه يجعله يشعر بالأمان , حتي وإن علم أنه مظلوم
والعكس ربما جعله ينتقم لنفسه حين يجد أحيانا من أبويه تشجيعا علي الأعمال العدوانية تجاه زملائه ووقوفهم بجانبه دائما في مثل هذه المواقف ..
سادسا : الإعلام
الأغاني الهابطة والموسيقي ذات الإيحاءات الجنسية والمعاني الرديئة تحدو بالطفل لا محالة إلي العنف وحب التمرد وممارسة الجنس مع الآخرين خاصة حين يقر الآباء والمحيطون به بهذه الأغاني الهابطة ويتركونه فريسة لسماعها والاستمتاع بها ... ربما كان ذلك السبب الأساسي لفساد الكثير من الأطفال , والعكس الأغاني النقية والمهذبة تحفزه علي الفضيلة وتبعث داخله العزيمة والإقدام وكل المعاني الراقية التي ننشدها
سابعا : المسجد والقرآن :
القران سلاح لا مثيل له في حماية أبنائنا من الزلل والسقوط حتي في المراحل المتأخرة في مستقبله
فالقلب الذي التحم بنور القرآن أصبح محميا بحماية إلهية إلي جانب الفوائد الأخرى للقران من البركة والذكاء ومخارج الألفاظ وإمكان حفظه في كل الأعمار وليس شرطا حفظ القران كله بل علي قدر إمكانياته وسنه يتبرك ببركة القرآن .
والمسجد وتعود الطفل عليه في سن مبكر يجعله مدفوعا إلي الشعور بالمراقبة من قبل المولي ومعرفته بأن هناك أمورا خارجة يجب البعد عنها وأن هناك حساب وعقاب يجعله متحفظا بدرجة عالية إلي جانب الفوائد الأخرى للمسجد علي تجمع المسلمين وحثهم علي الفضيلة والبعد عن الرذائل , وكما قال تعالي " إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي "
ربما نخاطب المسيحي بأن التمسك بالدين والاهتمام بالكنسية ومراعاة أخلاقيات الدين التي كلها تحث علي الفضيلة وتبعث عليها عامل كبير جدا في تربية الطفل علي البعد عن كل ما هو قبيح ومنبوذ ..
أبناؤنا أمانة في أعناقنا وهم ثمرة كفاحنا ورعايتنا فحين نخسرهم فقد خسرنا كل شيء
ولكن ذلك لا يأتي بالتمني لا بد من الرعاية والعناية بهم ومتابعتهم أولا بأول.