مجموعة من الطيور البرية
والبحرية،تجمعت قرب شاطىء وهي تسامر النجوم والقمر واختلطت اصواتهم ما بين زقاء
وتغريد وزعيق ونعيب ونعيق.انها موسيقى الطبيعة تدغدغ الجميع بلا انقطاع.فالكل
يتمتع حراً طليقاً بجمال الفصول الاربعة فمن مرح الربيع الى كآبة الخريف،يعبق منه
اريج الازهار وتحشرج فيه العواصف والاعاصير. ما اجمل حضن الطبيعة الذي اضفى على
الشاطىء رونقاً وجمالاً.
وأخذ كل طائر يتفاخر
ويتباهى بصفاته التي يتميز بها عن باقي الطيور ،وكان اول المتفاخرين(الاوزة الخطية
الرأس)حينما قالت:
ـ انا اكثر الطيور علواً
في الطيران!فأستطيع الطيران على ما يزيد 7500متراً
فوق سطح الارض!!
رد عليها
طائر(الشاهين)سريعاً:
ـ وأنا اسرع الطيور عند
الانقضاض على الفريسة!
اثار كلام الشاهين في
داخل اصغر الطيور(الطنان)الذي سأله قائلاً:
ــ لماذا؟
اجابه الشاهين في كبرياء
وخيلاء:
ـ بسبب جناحيّ العريضان
القويان وجسمي الانسيابي عند الانقضاض على طريدي من علو بسرعة تزيد على 300كم في
الساعة!!
راح(ذكر النعام
الافريقي)يرقص في مشيته وقال:
ـ اما انا اضخم الطيور
!حيث يصل وزني الى 140كغم!وارتفاعي 5ر2متر!!
اثار كلام طائر ذكر
النعام الافريقي فضولاً عند طائر الطنان بأن يتفاخر هو الآخر
بنفسه عندما استفز ذكر
الناعم الافريقي بالقول:
ـ لكنك لا تستطيع ان تفعل
مثلي!
انزعج ذكر النعام
الافريقي من كلام اصغر الطيور بين المحتشدين قرب الشاطىء ورد عليه ساخراً غير مقتنعاً
بما قاله:
ـ ماذا تستطيع ان تفعل
وطولك 5سم ووزنك 3غرامات يا شبيه الطير!
اغتاظ طائر الطنان من
كلام ذكر النعام الافريقي ورد عليه بإجابة سريعة لترسم الدهشة على وجه ذكر النعام
الافريقي:
ـ انني استطيع الطيران
للخلف!كما باستطاعتي المناورة اثناء الطيران وتغير زاوية جناحي اثناء الطيران وان
اتقدم للأعلى وللأسفل والامام والخلف!!
هنا انتفض طائر(الخطاف
القطبي)وقال متفاخراً:
ـ انا الذي يهاجر اطول
مسافة !واسافر حوالي 18000كم ذهاباً وإياباً بين مناطق تكاثري في القطب الشمالي
وموطني الشتوي في القطب الجنوبي!!
وصار باقي الطيور ممن لم
يكن له نصيب بالكلام والتفاخر عن ميزته عن باقي الطيور فقال (البطريق الامبراطوري)
في خجل وهدوء:
ـ والآن ايها الاصدقاء ستسمعون
مني اكثر الاشياء روعة وغرابة ودهشة!فأنا استطيع ان اغطس الى عمق 250متر واستخدم
جناحيّ لكي ادفع جسمي خلال الماء!.
رد عليه طائر(الاطيش)بعدم
قناعة:
ـ انا كذلك استطيع ان
ارمي بنفسي وانا اطير من مسافات عالية من ارتفاع 15متر واكثر وراء سمكة تسبح في
الماء!!
واضاف (البجع الاشعث)
لكلام الاطيش قائلاً:
ــ نعم.وذلك لأننا لنا
جماجم قوية!وجيوب هوائية في صدورنا!وهذا ما يبعد عنا الاصابة بأي اذى!!.
ثم طال الجدل واحتدم
النقاش فيما بينهم،وكل منهم يحاول ان يكون هو المتميز عن باقي جنسه من الطيور.
كل هذا الكلام وأجمل
الطيور الطاووس من بعيد صامتاً يسترق السمع ولم يتفوه بكلمةٍ واحدةٍ الى ان ضاق
صبره وصاح بهم قائلاً:
ـ كل ما قلتوه خرافات
وتفاهات بلا طائل !!
الجميع رموه بنظرات اللوم
والعتاب،لكن لن يستطيع أي واحد منهم ان يرد عليه ولو بكلمةٍ واحدةِ ايضا.
بأسى كبير اضاف الطاووس
قائلاً:
ـ ان هذا الغرور في داخل أي
واحد منكم سوف يبعده عن الآخر ،وربما جاء يوم ويحتاج الى مساعدة الاخر..وعلى كل
واحد منكم ان يكون قانع بان الله تعالى قد شملنا حتى نحن الطيور بنعمته وعمنا
برزقه ولم يفرق بين طائر وآخر!
كان كلام كبير الطيور
كأنه جرس دق يعلن حالة انذار قصوى بين فصائل الطيور البرية والبحرية التي تجمعت
قرب الشاطىء. وتعالى الزقاء والتغريد والزعيق والنعيب والنعيق بين كل تلك الطيور
المتجمعة وكل واحد منهم اعترف بخطئه.
حط طائر الطنان فوق ظهر
ذكر النعام الافريقي وهو يهتف فرحاً قائلاً:
ـ اسمعوا يا اصدقاء!..منذ
اللحظة سننادي أجمل الطيور ..بطائر الحُب!
فما هو رأيكم؟.
فرح الجميع بهذه التسمية
الجديدة لكبير الطيور الذي اخرجهم من ثوب الغرور والتفاخر وجعل من كل واحد ان يحب
الآخر.وبعدها ذهب كل واحد منهم لاستقبال نهار جديد ، وهبت نسمة لطيفة فحملت عبير
الورد والأزهار الطيبة، فعبق الجو الشذى الطيب وبدأت البلابل والعصافير الصغيرة
المولودة حديثاً بالتغريد والزقاء وهي تحلق فوق الجد طائر الحُب.