- الْقَاضِي : ما هو اسمكِ ؟
- الأَمْوَاج : اسمى أَمْوَاج البَحْر العاتية .
- الْقَاضِي : ومن كَوَنك إذن أَيَّتُهَا الأَمْوَاج العاتية ؟
- الأَمْوَاج : كونتنى الرياح العاصفة صاحبة السرعة الفائقة عند احتكاكها بسطح الماء .
- الْقَاضِي : يتهمُك الناس أَيَّتُهَا الأَمْوَاج بأنك من أغرقتِ الباخرة مَرْجَانة فى عرض البَحْر عامدة متعمدة ! فهل أنتِ مذنبة أم بريئة ؟
- الأَمْوَاج : بريئة بكل تأكيد من هذه التهمة الظالمة يا سيدى الْقَاضِي .
- الْقَاضِي : وما هو دليل براءتك من هذه التهمة أَيَّتُهَا الأَمْوَاج ؟
- الأَمْوَاج : إعْلَم يا حضرة القاضى أننى أنا الأَمْوَاج وجميع أقرانى من أَمْوَاج البحر لا نكاد نبرح مكانِنا أو ننتقل من مكان لآخر فوق سطح البَحْر ! فكيف يمكن لنا إذن إغراق باخرة عملاقة مثل الباخرة مَرْجَانة ؟ هكذا تساءلت الأَمْوَاج متعجبة .
- الْقَاضِي مندهشاً : لم أفهم بالضبط ما تريدين قوله أيتها الأمواج ؟ هل يمكنكِ تبسيط الأمر أكثر من ذلك ؟
- الأَمْوَاج : هل رأيت من قبل سيدى الْقَاضِي سنابل القمح فى حقولها عندما تهب عليها رياح عاصفة ؟
- الْقَاضِي : نعم رأيت ذلك مرات عديدة .
- الأَمْوَاج : ماذا يحدث إذن يا سيدى لهذه السنابل ؟
- الْقَاضِي : تتمايل سنابل القمح فى حقولها يميناً ويساراً مع حركة الرياح .
- الْقَاضِي متعجباً : بالقِطع لا .! فالذى يتحرك هى فقط الرياح .
- الأَمْوَاج : وهكذا الحال بالنسبة لى يا حضرة الْقَاضِي ! فلو كنت أنا أَمْوَاج البَحْر أتحرك فعلاً من مكان لآخر فوق سطح البَحْر ما تمكنت سفينة واحدة من الابحار فى مياه البَحْر على الإطلاق ! ثم أخذت الأَمْوَاج تتساءل وهى مندهشة قائلة : فكيف يمكن إذن يا سيادة الْقَاضِي لمن لا تتحرك ولا تبرح مكانها أن تغرق سفينة ولو كانت صغيرة!
- القاضى متعجباً : وما الذى يمكن أن تفعله إذن أمواج البحر بهذه السفينة؟
- الأمواج : كل ما تستطيع أن تفعله أَمْوَاج البَحْر بهذه السفينة يا سيادة الْقَاضِي هو أن تجعلها فقط أشبه بقطعة من الفلين الطافية فوق مياه متماوجة تعلو تارة فوق سطح الماء وتنخفض تارة أخرى .!
- الْقَاضِي : ومتى إذن تغرق السفينة أَيَّتُهَا الأَمْوَاج ؟!
- الأَمْوَاج : تغرقها مياه البَحْر إذا ما صعدت فوقها وتسللت داخلها وثقل وزن السفينة وصارت مياه البَحْر غير قادرة على حملها !
- الْقَاضِي : ومن هو المسئول إذن عن اغراق السفينة مَرْجَانة أيتها الأمواج ؟
- الأَمْوَاج: المسئول عن ذلك سيدى الْقَاضِي هو رُبّان السفينة وقائدها . فالرُبّان الماهر هو من يركب بسفينته ويصعد بها فوق الأَمْوَاج ولا يدع الأَمْوَاج هى من تصعد فوق سفينته بأى حال من الأحوال وإلا غرقت السفينة فى هذه الحالة ! ثم استطردت أَمْوَاج البَحْر تقول للقاضى: فحاكموا إذن رُبّان السفينة لو أردتم حقاً أن تحاكموا أحد . فما كان من قاضى المَحكَمِة بعد أن سمع دفاع أَمْوَاج البَحر عن نفسها إلا وأعلن فى التو والحال على الملأ براءة أَمْوَاج البَحْر واخلاء سبيلها فى حين أصدر أوامره بسرعة استدعاء رُبّان السَفينة لمحاكمته فوراً بتهمة إغراق الباخِرة مَرْجَانة .
