استيقظ في ساعة متأخرة من الليل يصرخ بأعلى صوته فهرعت
إليه أمه مفزوعة وجلة... و ما إن رأت خده المنتفخ المحمَرّ
حتى أدركت أنّ ضرسه تؤلمه ضمّتهُ بحنانٍ و
قالت كنتُ أعرف أنّ إفراطك في أكل الحلوى سيؤذيك يا زياد كم حذرتك منها لكنك لم
تُلقِ بالا لما أقول. ثم جعلت تواسيه و تخفف من مصابه
لكنّ الألم ازداد فظاعة.... و لما فشلت كل عقاقير الأم في
تسكينه انتهى به المطاف عند طبيب الأسنان .
ارتعدت فرائص الطفل و هو يلج غرفة الطبيب و كاد قلبه يخرج من جوفه و هو يرى
كلاليب و آلات حادة جمعت في صحن فضي اللون على مقربة من الطبيب ازداد صراخ زياد و
انتفخت أوداجه و اختلطت دموعه بمخاطه فانتهره الطبيب و أمره بفتح فاه ثم تطلع إليه
تحت ضوء مبهر فرأى أضراسا صغيرة يتاكلها السواد و قد فعل فيها التسوس فعله. ابتسم الطبيب و قال ارأيت يا زياد
ما فعلت بك الحلوى التي تحب ثم قرب من فمه الصغير آلة معقوفة الرأس موصولة إلى خيط
كهربائي تئز أزيزا و ترسل من طرفها رذاذا من الماء .
جعل الطبيب ينظف بها الضرس المصابة مستعينا بملقط معقف و
بعد ذلك حقنه بإبرة مخدرة ثم أهوى بكلابتيه على الضرس ليقتلعها و ممرضان يمسكان
الفتى و هو لا ينفك يصرخ بكل قوته جعل الطبيب ينظف بها الضرس المصابة مستعينا
بملقط معقف و بعد ذلك حقنه بإبرة مخدرة ثم أهوى بكلابتيه على الضرس ليقتلعها و
ممرضان يمسكان الفتى و هو لا ينفك يصرخ بكل قوته انتزع الطبيب الضرس المتآكلة و
لفها في ضمادة بيضاء و سلمها إلى زياد قائلا انتهى كل شيء فلا الم بعد اليوم كن
رجلا يا زياد فالرجال لا يبكون عاد الفتى إلى بيته مددته أمه في فراشه و غطته جيدا
بعد أن ناولنه أقراصا كتبها لها
الطبيب ثم قالت له ها قد ارتحت ألان و رحل الوجع بلا رجعة فنم عزيزي نوما هنيئا و
أوصدت الباب دونه و خرجت.
لكن زيادا لم ينم بل اخرج من جيبه
قطعة حلوى و نظر إليها متعجبا و قال أتصنعين بي كل هذا و أنت أحب الأشياء إلي ألا
تذكرين كيف ادخل الدكان المليء بما لذ و طاب فلا اختار ألاك و كم كببت حليبا في
غفلة من أمي موهما إياها بشربه من اجل أن احصل على قطعة منك.
قالت الحلوى:اعرف جيدا يا زياد انك تحبني لكنك لا تعرف ان حبك هذا
يؤذيني كثيرا.
رد زياد متعجبا:كيف ذلك أيتها الغالية؟.
قالت قطعة الحلوى:أضل في علبة بلورية صحبة أخواتي نستمتع بثرثرة البائع مع
زبائنه و نتطلع في شغف إلى العالم الخارجي
فننظر إلى العربات المارة في الطريق العام و نأنس بأغاني الباعة المتجولين و
هم يعبرون من أمامنا فإذا ما سمعنا وقع أقدامك أو أقدام احد الأطفال تدخل إلى
المتجر نحس بحالة من الرعب فلا تلبث العلبة أن تفتح من فوقنا فتدخل بيننا يد
البائع المتخشبة و يقع اختيارها على إحدانا فتخرج من قفصها البلوري إلى العالم
الخارجي الرحب فتحدث المسكينة منا نفسها برحلة استكشافية ممتعة فلا
تلبث أن تحس بثوبها ينضي عنها و تدخل إلى مكان صغير مجوف لزج و ساخن فتمني نفسها
بحمام دافئ لكن لسوء حظها تقع بين فكين حادين يطحناها و هي تصرخ و تستغيث و لا
مغيث فتتحول إلى فتات يقذف به إلى عمق سحيق فيكون لها قبرا.
ارأيت يا زياد كيف تسبب لنا الألم و العذاب و أنت الذي
تزعم انك تحبنا حبك هذا يضع حدا لحياتنا فمن الحب ما قتل لذا كان لزاما علينا أن
نثار لأنفسنا منك و من الأطفال أمثالك فتسبب سكاكرنا المتراكمة بين فكيك تسوسا
لأسنانك و هذا حقنا المشروع في الدفاع عن أنفسنا و لا يحق ل كان تنكره علينا .
طأطأ زياد رأسه و نكس طرفا كسيرا و قال عذرا أيتها
الحلوى ما كنت اعرف إنني اسبب لك كل هذا العذاب.