كان ثعلوب من أمهر الثعالب و أكثرهم خفة في الصيد , وأكثرهم مكراً ودهاءً .
وذات يوم وقع ثعلوب من مكانٍ مرتفع فارتطمت قدماه بصخرة كبيرة , فأصيبت احدي قدميه إصابة بالغة , وقرر الأطباء بتر هذه القدم ...
أصبح ثعلوب غير قادر علي الصيد ... اللهم إن صادف صيدا ضعيفا غير ادر علي الحركة ..
وأصبح يأكل من فتات أصدقائه .
كان يجلس علي الطريق كل يوم لينتظر أصدقاءه وهم عائدون بالصيد الثمين .
لكيْ يُعْطونه ما يَفيض منهم . وكان يَشعرُ بالخِزْيِ من هذَا الأَمْرِ , ولكن لا حيلة له
كان ثعلوب يري الأسد كل يومٍ عائدا بصيده الثمين ...له ولأسرته ..
طلب ثعلوب من الأسد جزءً يسيراً من هذا اللحم فقليل يكفيه ..
فهب الأسد في وجهه قائلا ... اذهب إلي الثعالب حتي يساعدوك .. هل أنا مسئول عن إطعامك ...
حزن ثعلوب من كلام الأسد .. ثم قال لا بدَّ من أجعله يعرف قدري ..
ظلَّ يفكر ويفكر وأخيرا
قام الثعلب بصنع شبكة متينة جدا وكبيرة دون أن يدري به أحد ..
ووضعها في الطريق الذي يعود منه الأسد ...
وظل يترقب ما يحدث من بعيد .
وأثناء مرور الأسد من هذا الطريق ...وقع تحت الشبكة .. ومعه فريسته الثمينة
حاول الأسد مرارا وتكرارا أن يفك قيده ولكن دون جدوي
صاح الأسد بصوتٍ عالٍ .. فاهتزَّ المكان ... وسمع أصدقاؤه صوته فقالوا لا بدَّ أن شيئا ما قد حدث للأسد فأقبلوا مسرعين لينظروا ماذا حدث له .
وحينما وصلوا وجدوا أنه يركض تحت شبكةٍ سميكةٍ ومتينةٍ ...
حاولوا أن يخرجوه من أسره ولكن دون جدوي ...
أصبحوا في حيلة من أمرهم ومن سينقذ الأسد إذا عجزت كل هذه الأسود أن يخلصوه من أسره ..
وقفوا صامتين ... وبكي بعضهم حزنا علي صديقهم الأسد ..
أقبل الثعلب يمشي في هدوء ..ويهز ذيله في عجب قائلا ماذا حدث ؟
وحينما رأي الأسد واقعا في الشبكة قال : مولاي الأسد أسيرٌ في قيده
غضبتْ الأسودُ وقالتْ : لماذا جِئْتَ الآنَ يا ثَعْلوبُ ..؟
قال : رأيت تجمُّعَكُمْ فأحببتُ أن أعرفَ ماذا حَدَثَ ؟
لعله خيرٌ .. وربما مددت يدي لكم بالعون ..
قال أحد الأسود متهكما منه .. إذا عجزت الأسود أن تفعل شيئاً فماذا تقدم أنت أيها الثعلب ؟ ألم تنظر إلي يدك المقطوعة ..
قال الثعلب : بهدوء ربما استطعت إنقاذ مولايَ الأسد .
قالوا : ها هو أمامك أرنا كيف تنقذه ...
قال ولكن ما مكافأتي إن أنقذت مولاي الأسد ؟
قال الأسد : لك ما شئت
ظل ثعلوب يحوم حول الشبكة ويحاول مدعيا أنه لا يستطيع فكها ..
ثم فجأة شد عدة حبال متصلة فقام بتوسيع الشبكة ... فخرج الأسد منها
فرحت الأسود وتعانقوا فرحا بنجاة الأسد ..
قال الأسد لثعلوب : اطلبْ ما شئتَ يا ثعلوب ؟
قال ثعلوب : لا أطلب سوي القرب من مولاي ورؤيته كل يوم ...
فلتسمح لي بذلك ..
فهم الأسد ما يريد ثعلوب ونظرا إلي يده ...
وقال سوف يكون لكَ نصيب من صيدي كل يوم .. مثلك مثلي ..
فرح ثعلوب ولكنه قال في صمتٍ وهدوء ... لك ما شئتَ يا موْلايَ
وسأكونُ سعيداً بجوارِكَ يا مولاي ..
وأصبح ثعلوب لا يحمل هم طعامه ....
وأصبح يأتيه أجمل الطعام وأطيبه ... ويرسل له الأسد نصيبه من فرائسه كل يوم ...