كان هناك
صيَّادٌ فقيرٌ يعيش في منزل صغير و بسيط مع أولاده الصغار يقع علي شاطئ البحر وقف الصَّياد ذات يوم علي شطيء البحر وحاول أن يلقي شبكته في الماء فظهرت له سمكة صغيرة
وقالت له : يا صياد إذا أردت أن يكون الله في عونك ويرزقك رزقا
وفيرا فاذكر الله عند بداية عملك ثم قالت له :
يا صيَّادْ اذكرْ ربَّكْ
يٌكْثِرُ رزقَكَ يُسْعِدُ قلْبَكْ
فابدأ دَوْماً باسْمِ اللهْ
وتَذَكَّرْهُ ولا تَنْساهْ
تلْقَي الخَيْر تَنولُ رِضاهْ
ما أَجْمَلُهُ ذِكْرُ اللهْ
ولكن الصَّياد لم يبال بكلام السمكة الصغيرة .
أصبح حظ الصَّياد
سيئا للغاية ولكنه لم يتذكر ما قالته السمكة له .
كان كل
يوم يستيقظ من نومه وهو يشعر بالعجز والكسل ويخرج إلي الشاطئ وهو حزين ويقول سأجرب
حظي اليوم ثم يرمي شبكته وفي النهاية لا يحصل علي أي سمكة فيقول :
أنا الصَّياد أنا الحزين
ذو حظ سيِّءِ مِسكينْ
أطرحُ شبكي وَسَطَ البَحْرِ
فتعود إلَيَّ بِلا سَمَكِ
سوءُ الحَظِّ يَصْحَبُنِي
ضيقُ الحالِ عَذَّبَني
ما أفقرَني ما أَتْعَسَني
وذات
يوم ذهب الصَّياد إلي البحر فرمي الشبكة فتعلقت بالشبكة سمكة كبيرة فأخرج السمكة وفرح كثيرا وترك السمكة علي شاطيء
البحر , ولكن سرعان ما جاءت الطيور وأكلت السمكة
دون أن يشعر .
حزن الصَّياد وقال : أنا الصَّياد الحزين ذو الحظ السيئ وذهبَ
إلي منزله وهو حزين .
وفي اليوم
التالي فتح الصَّياد نافِذَةَ مَنْزِلِه فوجد الرياح شديدة محملةً بالأمطار فقال
: إن الطقس سيئ ولن أستطيعَ الذهاب للصيد
اليوم , وجلس في منزله وهو حزين .
وسأل الصَّياد
نفسه لماذا هذا الحظ السيئ؟ إنني أجتهدُ في الصَّيْدِ وأبذل كل ما في وسعي ولكن
دون نتيجة .
وفي يوم
من الأيام ذهب الصَّياد إلي الشاطئ ورمي الشبكة في البحر ثم أخرجها فوجد السمكة الصغيرة
التي قالت له : أذكر الله عند بداية عَمَلِكَ , فَنَظَرَ إليها الصيادُ وضَحِكَ وقال : يا لحظي السَّئِّ ؟ ما هَذِهِ السَّمَكَةِ الصَّغِيرة ؟ ماذا أفْعَلُ بِها ؟ ثم قالَ : لَكِنَّنِي سَآخُذُها ؟ .
قالت
له : ألم تَتَذَكَّرْني أَيُّها الصَّياد
: قال نعم أتذكرك ولكن ماذا سيفيدني ذلك ؟
قالت
السمكة : إن هذا الصَّياد لن يستفيد من أي
نصيحة .
ثم قالت
له السمكة :
يا صَيَّادُ هَيَّا اتْرُكْني
أَرْجِعُ في البَحْرِ لِأَخَواتِي
فأَنا لنْ أُغْنِي لَكَ شَيْئاً
فاجْعلني أنْعَمُ بِحياتِي
ليُعَوِّضَكَ اللهُ بِخَيْرٍ
ويَفيضُ عَلَيْكَ بِنَفَحاتِ
قالت
السمكة لنفسها : لا بُدَّ منْ اسْتِخْدامِ
ذَكائِي مَعَ هَذا الصَّياد .
ثم قالت له : إن كنتَ سَيِّءَ الحظَّ يا صديقي الصَّياد
فعِنْدي مفتاحٌ لرزقٍ وفيرٍ لكَ ولكنْ بِشَرْطِ أنْ تتركني حرة لأعود إلي إخوْتَيِ
,
قال الصَّياد
: ماذا ستصنعين أيتها السمكة ؟ قالت : أعرف
مكاناً عظيما لتجمع أسماك كبيرة وكثيرة , حين تطرح شبكتك ستعود عليك بالخير الوفير
ولكن ما عليك إلا ان تتركني لأنادي عليهم
لكي
يتجمعوا .
وحين
أصبح الصَّياد في المكان الذي حددته لهُ السمكة تركها في المياه مرة أخري،
ولكن
السمكة فرت هاربة وأسرعت وغاصت إلي قاع البحر .
عاد الصَّياد إلي منزله وهو حزين وهو يقول : حتي السمكة الصغيرة خدعتني .
فقالت له زوجته : ربما كان السبب في ضيق رزقك هو
أنك لم تذكر الله كما قالت لك هذه السمكة قديما , فلماذا لا تذكر الله وتتوكل عليه حين تبدأ عملك
.؟ حتي يطرح الله البركة في عملك .
اسمَعْ منِّي زَوْجِي الغالِي
في إصْلاحِكَ راحَةُ بالِي
في إسْعادِكَ رِزْقُ عِيالِي
احْفَظْ ربَّكَ يا زَوْجِي
تَنْعَمْ بِعَظيمِ الفَرَجِ
وعلَي اللهِ تَوَكَّلْ دَوْماً
تسْعَدْ بِجَمال الرَغَدِ
قال الصَّياد : حقا يا زوجتي العزيزة , فأنا مقصرٌ في ذلك
وسوف أذكر الله دائما عند بداية عملي .
وفي صباح
اليوم التالي ذهب الصَّياد إلي البحر وأخذ الشبكة وبدأ باسم الله ورمي شبكته , ثم انتظر قليلا وأخرج الشبكة فإذا بأسماك كثيرة جدا ،
فَرِحَ الصَّياد
و عاد لزوجته وأولاده ليسعدهم بالخيرالوفير .
وفي كل
يوم أصبح يفعل ذلك فكان يجد خيرا وفيرا ويعود إلي اولاده فرحا مسرورا ,
ولم يعد يسمي نفسه الصَّياد الحزين بل أصبح يسمي نفسه الصَّياد
السعيد
وحمد الله
كثيرا .
شُكْراً لكَ دَوْماً رَبِّي
في ذِكْرِكَ راحَةُ قَلْبِي
في شُكْرِكَ نورُ الدَّرْبِ
يا من تأتي بالفَرَجِ
شُكْراً لكَ دَوْماً رَبِّي