العم مرزوق فلاح نشيط يذهب مبكرا إلي حقله كل يوم وهو يركب حماره وينشد ويقول :
أذهب
للعمل بجد
ولحقلي يشتاق حماري
أتنفس عطرا من زرعي
أشرب من قلة أزهاري
من قبل يزوغ الشمس
أبدأ عملي قبل نهاري
وبجانب حقل عم مرزوق يوجد حقل والد عمر.
وكان عم مرزوق يزرعه أيضا لأن والد عمر مريض .
وذات يوم أقبل عم مرزوق ففرحت الطيور بصوت عم مرزوق الجميل وظلت
تحوم فوقه وعندما انتهي
اليوم الدراسي ذهب عمر إلي حقل والده , ثم نظر إلي حقل والده وقال ما هذا النبات
يا والدي ؟ قال الأب هذا حقل فول يا
بني قد جفت عيدانه وسنحصده قريبا قال عمر هل يمكن أن نأكل منه
الآن يا والدي ؟ قال لا يا بني إنه جاف يصعب مضغه إلا بعد الطهي
, وسوف نجمع بعض القرون ونذهب بها للمنزل
لكي تقوم والدتك بطهيها
جمع والده بعض
القرون المليئة بالحبوب , وأخذ عمر حبة فول واحدة معه وقال : سوف آَكُلُها في
الَمْنِزلْ .
وعندما عاد عمر إلي المنزل وضع
حبة الفول في طبق فوق مائدة الطعام .
صرخت حبة الفول
( فولة ) وقالت : له لا لا.. لا أريد أن تأكُلَني يا عمر وتنتهي
حياتي أريد أن أعيش , وفكرت فولة قليلا , ثم قامت بالقفز من فوق المائدة ثم قالت له :
مَهْلاً مهلا
يا عُمَرُ
بدلا من أن
تأكلني
دعني لأحيا في
أرضٍ
وارويني بماءٍ عَذْبٍ
كيْ أَنمو وأَكْبُرَ يوماً
لكي
تَحْصُدَ حبَّاً أَكْثَرْ
اتركني
اهرب وحدي
حَسْبُك
حَسْبُكَ يا عُمَرُ
حاول عمر الإمساك بها فلم يستطع ثم قفزت من النافذة ووصلت إلي حديقة المنزل. كانت
الفولة سعيدة لأن حياتها لم تنتهي وشعرت بالأمان , وجلس عمر حزينا في منزله .
قابلت الفولة النحلة
وسألتها : لماذا أنت سعيدة يا فولة ؟ قالت لها : لأن عمر لم يأكلني ولم تنته حياتي بعد .
كانت حرارة الشمس
شديدة ، فشعرت الفولة بالجفاف وقالت: ما
هذه الحرارة الشديدة إنني أتعرض للخطر ما العمل الآن إنني سأموت من شدة حرارة الشمس , وأخذت الفولة تبكي ، فقالت لها النحلة :
عندِي فِكْرَةُ كَيْ أَحْميكِ
من إشْعاعِ الشَّمسِ الحارِقْ
أن تَخْتبِئي فوْقَ الأَرْضِ
أَغْمُركِ بتُرابٍ جافٍ
حتَّي يأْتِي مَوْسِمُ زَرْعَكِ
أَسْقيكِ بالماءِ العَذْبِ
فَتَصيريِ خَضْراءَ جَميلَة
فرحت فولة بماء قالته لها النحلة .
و سمعت هذا الحديث سارة أخت عمر فقالت سارة للنحلة سوف أقوم أنا بذلك أيتها
النحلة , وطارت النحلة ووعدتها بزيارتها
مرة أخري وقامت سارة بوضع فولة في حفرةٍ جافَّةٍ ورَدَمتْ عليها بالترابِ الجافِّ
حتَّي اقترب فصل الخريف فقالت سارة : هذا
موعد زراعة فولة وأسرعت وقامت بريها بماءٍ
عذب . , فبدأتْ فولة تنبت براعمها
وتخرج من تحت التراب , وكانت تنمو
يوم بعد يوم .
وبعد مرور أيام جاءت النحلة لزيارة
صديقتها الفولة فوجدتها علي شكل نبات طويل وجميل فقالت لها : السلام عليك يا
صديقتي الفولة كيف حالك ؟ لقد كبرتي
وأصبحتِ جميلة
حمدا لله أن حقَّقَ لَكِ حِلْمَكِ , وسَوْفَ أَعودُ إِلَيْكِ قَريباً , وانصرفت
النحلة .
وبعد أيام جاءت النحلة فوجدت فولة قد كبُرَتْ أَكْثرَ وأَزْهرتْ فقالتْ لها
:
أتركيني أمتص رحيقك لأصنع العسل
نظرت إليها الفولة في غرور : وقالت لها
أنا لست صديقتك أنا نبتة الفول الجميلة أقف مكاني ولا أتعب ولا أذهب هنا وهناك
لأحصل علي غذائي مثلك أما انت فتتعبني لكي تحصلي علي غذائك فتذهبي من زهرة إلي
زهرة للحصول علي الرحيق ووضع العسل ورفضت الفولة إعطاء الرحيق للنحلة ، أنا أفضل منك أيتها النحلة
ثم قالت لها :
تبَّاً لكِ أَيَّتُها النَحْلَةْ
كيفَ نَطَقْتِ بِتلكَ الجُمْلَةِ
هل تأتي لتنالي خَيْري
فاتَّجِهي لِسِوايَ وغَيْرِي
فابْتَعِدي يا نَحْلَةُ عَنِّي
لا تقتربي أبدا منِّي
شعرت النحلة بالحزن من كلام فولة
وبكت وتركتها وطارت .
ذهبت سارة أخت عمر إلي زيارة
الفولة فوجَدَتْها نبتَةً كَبيرةً وجميلَةً قد أثمرتْ وأخرجَتْ قرونا تحمل حبَّاتِ
فولٍ جَديدةٍ , فطلبت سارة أن تأخذ منها
بعض حبات الفول , فرفضت فولة إعطاء
سارة ولو حبة واحدة , فذهبت سارة حزينة .
وفي يوم من الأيام خرج عمر إلي
حديقة المنزل ليلعب بالكرة ، جرت الكرة بعيدا حتي وصلت إلي نبتة الفول , فرأي
عمر نبته الفول وسعد بها كثيرا وقال :
إنها تلك الفولة التي هربت مني وتركتني لقد أصبحت شجرة جميلة يانعة .
حاول عمر أن يقطف منها بعض حبات
الفول ولكنها رفضت وقالت دعني يا عمر ,
ألم اهرب منك المرة الأولي اتركني وشأني .
حزن عمر كثيرا ثم انصرف .
ولكن سرعان ما جاءت رياح عاتية فاختبأ عمر خلف سور الحديقة بينما قامت الرياح
بقلع فولة من جذورها .
قال عمر :
هذا جزاؤكِ يا فولَةْ
أنتِ
بحقٍّ مغرورةْ
لم تعتبري من غيرِكْ
لم ينفعْ أحداً خَيْركْ
عن فعلِكِ كنتِ المَسْئولَةْ
نظر عمر فوجد
وقال ونادي علي والدته أمي أمي أريد أن أأكل الفولة
فحضرت الأم سريعا وقامت بشد الفولة ليأكلها عمر ونالت الفولة المغرورة جزاءها.