حينما وقعت اليمن في أيدي الأحباش، لاحظ أن العرب يتوافدون إلى مكة لزيارة بيت الله الحرام،قرر بناء كنيسة تصرفهم عن الكعبة فيحجون إليها!استأذن مللك الحبشة في بنائها،فأذن له، فقام بتشييد كنيسة هائلة،ولكنها لم تؤذ الغرض،فقرر هدم الكبعة،كان ذالك القائد هو أبرهة الأشرم.
قاد أبرهة جيشا تصاحبه الفيلة،وجعل في مقدمته فيلا عظيما،أراد هدم الكعبة،هب رجل من أشراف اليمن اسمه ذو نفر ودعا العرب إلى حرب أبرهة،لكن أبرهة هزم ذا نفر واتباعه وأخذه أسيرا.
واصل أبرهة زحفه نحو مكة،ولكن رجلا أخر اسمه نفيل الخثعمي ،خرج على رأش عدد كبير من العرب لمواجهته،إلا أن ابرهة هزمهم وأسر نفيلا،وأرغمه على أن يكون دليلا له في أرض العرب. ثم واصل أبرهة زحفه ،حتى وصل إلى الطائف ،وكان أهل الطائف ،قظ بنوا للات بيتا،خافوا العرب على بيتهم،خرج إليه رجال من ثقيف قالوا له،إن البيت الذي تريد هدمه ليس عندنا، ولكنه بمكة.
واصل أبرهة إلى مكان بين الطائف ومكة، أرسل قائدا من قواده إلى مكة ،كي يسلب أموالهم،فعاد إليه بأموال كثيرة،وكان بينهما بعير لعبد المطلب،جد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،كان سيد قريش. همت بعض القبائل لقتال ذالك القائد الذي سلب أموالهم،ولكنهم تراجعوا بعد أن عرفوا أنهم لا طاقة لهم به.
أقبل رسول من عند أبرهة إلى مكة،سألهم عن سيد مكة،أراد أن يخبرهم أن الملك لم يأت لحربهم،وإنما جاء لهدم الكعبة،فإذا كان سيد مكة لايريد الحرب، عليه أن يذهب للقاء المللك. التقى رسول أبرهةبعبد المطلب،واخبره بذالك،فقال عبد المطلب: والله مانريد حرب أبرهة،ولانملك القدرة على ذاللك،فهذا بيت الله الحرام،وبيت خلليه إبراهيم (عليه السلام) والله سبحانه قادر على حماية بيته.
ذهب عبد المطلب للقاء أبرهة،كان عبد المطلب وسيما تبدو عليه مضاهر العضمة،فلما رآه أبرهة، أحسن استقباله،وقال لترجمانه:قل له ماذا تريد ياسيد مكة؟أجاب عبد المطلب:أرجو أن يرد لي الملك مائتي بعير أخذها منا ضمن الأموال التي سلبها قائد من مكة. فقال أبرهة لترجمانه:قل له: لقد أعجبتني حين رأيتك ولكنني غيرت رأيي حين سمعت كلامك،ولا تكلمني عن البيت الذي أتيت كي أهدمه!قال عبد المطلب:أنا رب الإبل، أما البيت فإن له ربا يحميه.
انصرف عبد المطلب بعد أن استرد إبله، وتوجه إلى قريش فأجبرهم أن أبرهة،ينوي الهجوم على مكة وأمرهم بإحتماء في الجبال.
أمر أبرهة جيشه أن يتحرك نحو مكة،ولكن ذالك الفيل الضخم،الذي كان يتقدم الجيش برك قبل أن يدخل مكة،حاولوا إجباره على السير نحوها ،فلم يفلحوا،فقد حبسه الله عنها. أراد الله تعالى، أن يهللك ذالك الجيش وقائده،فأرسل عليهم جماعات من الطير ترميهم،بحجارة صغيرة، من الطين والحجر،فأهلكتهم،جميعا، وتركتهم كأوراق الشجر الجافة الممزقة،وأصيب أبرهة في جسده إصابات بالغة،فحملوه معهم،وعادوا إلى صنعاء فمات هناك.
قال تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ سورة الفيل.
وقعت تلك الحادثة في سهل المغمس،وهو السهل الفسيح الواسع الذي يبدأ من أرض الصفائح والشرائع العليا (حنين) إلى سهل عرفات، ويقع في وسط أرض المغمس وادي عرنة،وشق الآن طريق يصيل بين عرفات وبين طريق الطائف على السيل،إذا سلكته تكون قد توسطت أرض المغمس.
يكتبها:خليل حداد