يومياتْ مالِكْ وسميرْ
مالكْ وسميرْ صديقان ...
يحبُ كلاً منهما الآخر
هُما في نفس الفصلِ الدراسي
أولاد خالةْ
والأجملُ من ذلك أنهما جيرانٌ , المنزلُ بجوارِ المنزلِ
والأعجبُ من ذلك أن والداهُما
يعملانِ في نفسِ الشَرِكةِ
هيا بنا نتابع
يوميات مالكْ وسمير من خلال هذه
السلسلة
وَقعتْ قطةٌ في
المنطقةِ المحصورةِ بين منزلِ مالكْ
وبين منزلِ جارهِ وصديقهِ
سمير . وأصبحتْ غيرَ قادرةٍ
علي الخروجِ , وظلتْ
تُصدرُ أصواتاً تَعني الاستغاثةَ ولكنْ
لمْ يسمَعها أحدٌ .
سمعَ سمير صوتَها وظلَ
يبحثُ عنها حتي وجَدها
ورآها من خلال ِنافذةٍ في المنزلِ
في الدورِ الثاني الذي يقيمونَ فيه
. لكِنهُ لم يُبالي
بِصُراخِ القطةِ و أحضرَ الكاميرا وظلَ
يلتَقطُ لها صُوراً
وهو مسرورُ بصُراخِها وأَلَمِها .
سمعَ مالكُ صوتَ القطةِ
وظلَ يبحثُ عنْها
ولكنِهُ لمْ يعرفْ مكانَها فقالَ في نَفسِهِ لعَلَها
في الشارعِ واختفي صوْتُها فهدأ
وتركَ البحثَ عنها .
ولكنْ سرعانَ ما
عادَ الصوتُ ثانيةً وتأكدَ
مالكُ أنها قريبةٌ منهُ وظلَ يبحثُ عنها
فلمُ يَجدِها .
نادي علي سمير
وسألهُ عنها فقالَ
: لا أعلمُ عنْها شيئاً ,
ولكن حينَ وجدَ إصراراُ من مالكٍ في البحثِ عنها أَعلمهُ بمَكانِها
.
أسرع مالكُ بفتحِ
البابِ الموجودِ في أسفلِ المنزلِ , فخرجتْ
القطةُ , ثم عادَ
مالكُ إلي سمير وعاتَبه قائلاً لماذا
ترَكْتَ القطةَ هكذا تَصْرخُ ؟ .
قال : كنتُ أحبُ أن أسمعَ
صُراخَها وهي تَقفِزُ ولا تستطيعُ
الخروجَ .
قال مالك :
إنكَ لوْ تركتَها في هذا المكانِ بدونِ طعامٍ وشرابٍ فَسوفَ
تموتُ جوعاُ وعَطشاً .
قالَ سمير : وماذا سيحدثُ لو ماتتْ جوعاٍ وعطشاً
إنها قطةٌ ولنْ تَجِدُ حتي من يُحاسِبَكَ علي مَوْتِها
قال مالك :
أهكذا تُفكرُ يا سمير ؟ .
لقد قال رسولُ الله
صلي الله عليه وسلمَ " دخلت امرأةٌ النارَ في هِرةٍ
حبستها حتي ماتتْ فلا هي أطلقَتْها
ولا هي ترِكَتْها تأكلُ من
خَشاشِ الأرضِ "
قال سمير : كلُ هذا
بسببِ قطةٍ ؟
قال مالكُ نَعَمْ
.
إنها حيوانٌ
يعني روحٌ وهي تتألمُ وتتعذبُ
وتركُها تموتُ جوعاً وعَطَشا هو تعذيبً وعدمُ رحمةٍ
بها وكما قالَ صلي اللهُ عليه
وسلمَ " منْ لا يرحمْ لا يُرحمْ
"
وقال أيضاً "
ارحموا من في الأرضِ يَرحَمُكمْ من
في السماءْ "
وقال صلي الله
عليه وسلمَ أيضاً " الراحمونَ يرحمهمُ الرحمنْ " .
اقتنع سمير
بكلامِ صديقهِ مالكْ وقال: لن
أعودَ إلي فعْلِ ذلكَ أبداً .
وأثناءَ عودتِهما من المدرسةِ
بعدَ الظُهرِ والجوُ كانَ شديدَ
الحرارةِ شعرَ سمير بالعطشِ الشديدِ
فأخرجَ من حقيبتِه زُجاجةَ
مياهٍ يحتفظُ بها
دائماً خاصةً في الأيامِ ذاتِ درجةِ الحرارةِ المرتفعة , وقامَ برفعِها علي
فمهِ ليشربَ منها .
بينما كان
هناك كلبٌ يلهثُ من شدةِ الحرِ والعطشِ ,
اقتربَ منهما حينما رأي سمير
يشربُ الماءَ , ونظرَ مالكُ إلي الكلبَ وفهمَ أنه شديدُ
العطشْ , وأعلمَ سمير أنَ الكلبَ عَطْشاناً
ولكنَ سمير قالَ
له : مالي ومالِ الكلابْ هل أنا مسئولٌ عنْ عَطشِ
الكلاب ؟ إن هذا الأمرَ لا يعنيني .
أما الكلبُ
فقد انصرفَ بعيداً عنهمْ
.
قال مالك لسمير قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَدْ
كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِىٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِى إِسْرَائِيلَ
فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ
».
قال سمير : كلُ
هذا بسبب ِكلبٍ ؟ .
قال : نعم
إنهُ حيوانٌ يعني
روحْ والرحمةُ بالحيوانِ غيرِ القادرِ علي النُطقِ هي الرَحْمةُ الحقيقيةُ , لأنك
لا تنتَظرُ منه كلمةَ شُكرٍ ولا
مقابلَ لعملكَ معهُ
لكنْ تنتظرُ الأجرَ منَ الله , قال سمير
: لقد
استوعبتُ الدرسَ يا صديقي وفهمتُ غَرضَك ,
قال مالك : هيا نعودُ إلي الكلبِ
ونحاولُ أن نَسقَيهُ قال سمير : هيا
وذهبا إلي الكلبِ ولما رآهُما رفَع
ذيلَهُ مُرحِباً بِهما .
وقال سمير : كيفَ
نَسقيه ؟
. لا يوجدُ شيءٌ نضعُ
له فيهِ الماءَ .
قال مالكُ : أنظر إن في الأرضِ حفرةٌ صغيرةٌ
يمكنُ أن نَصُبَ فيها الماءُ فيشربُ
الكلبُ منها .
قال سمير : فكرةٌ جيدةٌ , وقامَ
بتفريغِ الزجاجةِ في الحفرةِ
, وأسرعَ الكلبُ وظلَ يشربُ
مِنْها حتي شَبِعَ .
فَرحَ سمير
ومالكُ فرحاً شديداً لأنَ الكلبَ
شرِبَ وارتوَي .
وعادا إلي
المنزلِ وحَكي سمير لوالدهِ
ما حدثَ , وحكي هو الآخرُ ذلكَ إلي
والدِ مالكْ .
فرحَ والدُ
مالكْ فَرَحَا شديداً برحمةِ
أولادِهمْ بالحيوانْ , وقامَ
بتقديمِ هديةٍ قيمةٍ لكلٍ
مِنْهما تَشْجيعاً لهما
وتقديراً لفعلِهما .
وذاتَ يوم ٍ وأثناءَ
ذَهابهما إلي المدرسةِ شاهدا رَجُلاً
يركبُ حِماراً ويَضَعُ
علي ظَهْرِ الحمارِ أحمالاً كثيرةً فوقَ طاقَتِه والحَمارُ يسيرُ ببُطءٍ من شدةِ
التعبِ والرجلُ يضربُه بعُنْفٍ .
رأي مالكُ ذلكَ
فغَضِبَ ولكنهُ كَتَمَ
ذلكَ في نَفْسِه , ثمَ
انفجرَ فجأةً في وجهِ
الرجلِ صاحبِ الحمارِ وقال له : اتقِ
اللهَ يا
رجلْ لقدْ وضعتَ علي ظَهرِ الحمارِ أثقالاً كثيرةَ وأنتَ أيضاً تجلسُ فوقَها ثم تعذبُه
وتضربُه كلَ هذا الضَرْبِ .
لم يلتفتِ الرجلَ إليهِ
ولكنَ سمير تحفزَ هُو الآخرُ , وتذكرَ كلامَ
مالكٍ عن الرحمةِ بالحيوانِ .
و أعادَ نفسَ الكلامِ علي سمعِ الرجلِ .
شعرَ الرجلُ
بالحرجِ ونزلَ من علي ظهرِ الحمارِ
, ولم يعُدْ يَضْرِبه
كما كانِ يفعلُ .
وانطلقَ مالكُ وسمير
وهما فَرِحينِ بما حَدثَ لأنَهما
كانا السببَ في الرحمةِ بحيوانٍ
ضعيفٍ .
كان يسيرُ خلفَهما
معلمٌ في المدرسةِ , وشاهدَ
كلَ ما حدثَ ولمْ يتكلمْ أو
يُعلِمهُما بأنه يَراهما .
وفي صباحِ اليومِ التالي وفي طابورِ المدرسةِ استدعي
المعلمُ مالكَ وسمير , وحكي قصتَهما
أمامَ كلِ الزملاءِ وحياهُما
وصَفقَ لهما كلُ الطلابِ تقديراً لهما ولفعلِهما الجميلِ .
وأصبحَ مالكُ وسمير نموذجاً
للطلابِ , يقتدوا بهِما في الرحمةِ
بالحيوانِ .