يومياتْ مالِكْ وسميرْ
مالكْ وسميرْ صديقان ...
يحبُ كلاً منهما الآخر
هُما في نفس الفصلِ الدراسي
أولاد خالةْ
والأجملُ من ذلك أنهما جيرانٌ , المنزلُ بجوارِ المنزلِ
والأعجبُ من ذلك أن والداهُما
يعملانِ في نفسِ الشَرِكةِ
هيا بنا نتابع
يوميات مالكْ وسمير من خلال هذه
السلسلة
نظرَ مالكُ وسمير
إلي حديقةِ المنزلِ الواسعةِ فَوجداها مُهملةُ وقدْ ماتتْ النباتاتُ المزروعةُ
بها لعدمِ وجودِ
من يهتمُ بها , وقال سمير
لماذا لا نقومُ بالاهتمام بها بأنْفُسِنا ؟
قال مالك : بعدَ
الامتحاناتِ إن شاءَ اللهُ سوفَ نهتمُ بها .
وبعدَ الانتهاءِ من الامتحانات اتجهَ
مالكُ وسمير إلي والدِهما وطلبَ
كلُ واحدٍ منهما
من والدهِ أن يساعدَه
في زراعةِ حديقةِ منزلِه .
واتفقَ الجميعُ علي أن
يَقوموا بتعيينِ عاملٍ يقومُ بالزراعةِ والاهتمامِ بالحديقتين .
علي أن يقومَ
مالكُ وسمير بمعاونتهِ
لأنهُما يُحبانِ أن يُشاركِا
في زراعةِ الحَديقة ِ.
وجاءَ العاملُ
وبدأوا العملَ في الحديقةْ .
وذاتَ يومِ وجدَ مالكُ
سمير يسُب العاملَ
ويُهينُه , غضبَ
مالكُ من تَصرفِ سمير وقامَ
بتهدئةِ العاملِ واعتذرَ لهُ عن
ما فعلهُ سمير وبعدَ
أن انتهيا منَ العَملِ
قالَ لسمير : إن ما فعلْتُه غيرُ
لائق ٍ بكَ قال سمير : لماذا
كلُ هذا الغَضب ؟
إنه مجردُ عاملٍ
عندنا يتقاضى أجرَه منْ
والدي ووالدِك .
قال مالك :
لسنا أفضلَ منه إنهُ يؤدي
عملَه مُقابلَ مبلغٍ
من المال وليسَ عبداً عندنا .
قال مالك : ولكنْ
ليسَ هذا من خُلُقِ الإسلامِ , وأطلبُ منكَ أن لا
تعودَ إلي ذلكَ ثانيةً
قال سمير :
إن شاءَ الله
وبعد أيامٍ فوجئ
مالكُ بسمير يسُب العاملَ ثانيةً ويُهينُه
بصوتٍ عالٍ .
وغضب مالكُ
من فِعلِ سميرٍ
ولامَهُ و أخذهُ
بعيداً وقال لهُ
ألمْ تعِدني بأنكِ
لنْ تفعلَ ذلكَ ثانيةً ؟
لم يتكلمْ سمير
وانصرفَ ولكنَ مالكَ
ذهبَ إلي والدهِ وحكي له ما حدثَ من سمير .
وغضبَ والدُه من
تصرفِ سمير وحكي لوالدِ
سمير ما حدثَ من سمير .
عاتبَه والدهُ
كثيراً ثم قالَ له سوفَ أخصمُ
منْ مصروفكَ الشهري نِصفَهُ وأُعطيهِ
للعاملْ تَطيْيبا لخاطرِه
.
غضبَ سمير
ولكنْ كانَ غَضَبُه مَكْتوماً
في نفسِه .
ولكنهُ لمْ يُبالي
وانصرَفْ .
ومرتِ الأيامُ
وشعرَ سمير بالندمِ علي ما صَدرَ
منه وحَكي ذلكَ
لمالكَ الذي فرحَ بذلكَ لأنه عادَ إلي
رُشدهِ وذهبَ لوالدهِ وحكي
له ما حدثَ من سمير
وفَرحوا جَميعاً بذلك لأن سمير
قدْ شعرَ بالندمِ علي ما فعلَ وأخذَ مالكُ سمير
إلي العاملِ واعتذرَ لهُ سمير عن ما بدرَ منهُ وقبلَ رَأْسَه
وعادتِ المياهُ إلي مجاريها .
وذاتَ يومٍ وأثناءَ دُخولِ
مالكٍ وسمير إلي حديقةِ المنزلِ
وكانَ مالكُ مُنشغِلاً
بالنظرِ في كتابٍ معه ولم يشعرْ بالعاملْ أمامهُ
بينما سمير كانَ مُدرِكاً له ولم يُلْقِ سمير السلامَ
علي العاملْ .
نظرَ مالكُ
إلي العاملِ فألقي عليهِ السلامَ مُؤخراً
.
وسألَ سمير : لمَ
لمْ تُلقِ السلامَ عليه ؟
قال سمير : إنهُ عاملُ
لماذا تَشغلَ نَفْسكَ به ؟ .
قال مالك ألم أقل لك
من قبلُ إنهُ إنسانٌ قبل َكلِ شيء , ألا
تعلمَ أن إلقاءَ السلامِ من شَيَمِ الإسلامِ
الحميدةْ , والنبيُ صلي الله عليه وسلمَ قال " ألقِ السلامَ علي من عَرْفتَ ومن لم
تَعرفْ "
قال سمير : ولماذا
لم يُلقِ هو السلامَ عَلينا ؟
قال مالك : إنَ هُناكَ
آداباً عامةً لإلقاءِ السلامْ .
يقومُ بإلقاءِ
السلامِ الصغيرُ علي الكبيرِ والماشي علي الواقفِ
والراكبُ علي الماشي وهكذا .
قال سمير : ولماذا
نُلقي السلام َ ؟ .
قال مالكُ : أنظرْ إلي معني السلامْ إنهُ الحب ُوالوئام ُ , نُلقي السلامْ حتي يعمُ بين الناسِ الأمانُ والسماحُ والوئامْ .
قال سمير : أعدُك
أنْ أُلقي السلامَ علي العاملِ
بعدَ ذلك .
ومرتِ الأيامُ , ولم
يعُدِ العاملُ يأتي إلي المزرعة ولم يشْعرْ أحدُ بذلك .
سأل مالكُ والدَه عنِ
سببِ غيابِ العاملِ ؟
فقالَ : لعلهُ خير . رُبما كانَ مُنشَغِلاُ بعَملٍ آخرْ .
ولكنَ مالكَ قلقَ أكثرَ
فقالَ لوالدِه : أرجو أن نَذهبَ لزيارتهِ
فَهوَ رَجلٌ كبيرً
وطيبَ القلبِ فيجبُ أن نطمئنَ عَلَيهِ .
وافق الوالدُ وقالَ له إذنْ اذهب إلي
سمير ليأتي مَعنا
وذهب مالك
إلي سمير يطلبُ منهُ أن يذهبَ معهم لزيارةِ العاملِ ولكنَ سمير رفضَ وقالَ
لماذا كلُ هذا الاهتمام ,
إنه مجردُ عاملٍ عندنا ؟
وانصرفَ مالكُ وهو حزينُ من تَصرفِ
سمير .
وذهبُ مالكُ
ووالدهُ إلي الرجلَ فوجداه مَريضاً كما تَوقعَ مالكْ
.
وكان في حاجةٍ
ماسةٍ إلي مالٍ لشراءِ الدواءَ , فقامَ
والدُه بإعطائهِ ما يحتاج ُمن مالْ
.
ووعده
بزيارةٍ أخري مع مالكَ
ابنِه .
حكي والدُ مالك
لوالد ِ سمير ما حدثَ من سمير ,
فغضبَ من تَصرُفِ سمير
وقال له : سوفَ تأتي معي لزيارةِ الرجلِ , قال سمير
لماذا يا والدي هل ْكانَ من أقارِبنا أو
أصدقائِنا ؟ .
قال والدهُ ولكنهُ
رجلٌ مسكينُ وفقير
, والعطف علي الُفقَراءِ من قِيَمِ الإسلامِ
كما أن النبيَ
صلي الله عليه وسلمَ أَوصانا بزيارةِ المَرضي
.
وذهب سمير معَ
والدهِ إلي الرجلِ واطمأنا عليه , واعطاهُ والدُ
سمير مبلغاً من المالِ ليسُدَ حاجَته ووعدَهُ بأن يزورَه
ثانيةُ .
سألَ سمير والدَه
لماذا أعطيتَ له المال
؟ .
قال والدهُ
إنهُ الآنَ مريضٌ
ولا يعملُ وبالطبعِ فهوَ يحتاجُ
إلي مالٍ للعلاجِ والإنفاقِ علي أسرتِه
إنكَ يا بني لا
بُد أن تَرْعي الكبيرَ وأنتَ صغيرُ
حتي يُقَيِضُ اللهُ لكَ
في كِبَرِكَ منْ
يقومُ برعايتكَ والاهتمامِ بكْ , فالكبيرُ
ضعيفٌ حتي ولوْ كانَ معهُ
مالٌ كثيرْ .
يجبُ أنْ تَزرعَ اليومَ
لتَحصدَ في الغدِ .
فهمَ سمير
الدرسَ جيداً ووعدَ والدهُ
بأنه سوفَ يأتي معَ مالكْ لزيارةِ الرجلِ
والاهتمامِ به حتي
يتماثلَ للشفاء .
قال له والده باركَ الله فيكَ يا بُني
.
ومن هذه اللحظةِ
وسمير قدْ أصبحَ محافظاً علي رعايةِ العاملِ .
وكان يقولُ
دائماً أحبُ أنْ أكونَ عندَ حُسنِ
ظَنِ والدي .