يومياتْ مالِكْ وسميرْ
مالكْ وسميرْ صديقان ...
يحبُ كلاً منهما الآخر
هُما في نفس الفصلِ الدراسي
أولاد خالةْ
والأجملُ من ذلك أنهما جيرانٌ , المنزلُ بجوارِ المنزلِ
والأعجبُ من ذلك أن والداهُما
يعملانِ في نفسِ الشَرِكةِ
هيا بنا نتابع
يوميات مالكْ وسمير من خلال هذه
السلسلة
لا تكذِبْ
كان مالكُ طالباً
مجتهداً يقومُ بأداءِ واجباتهِ المدرسيةِ
أولاً بأول , أما سمير فقدْ
كانَ يقومُ بها مرةً وأخري
لا .
سألهُ المعلمُ
ذاتَ مرةٍ لماذا لم تُؤدي واجبَكَ
المَدْرسي ؟ فأجابَهُ
كانَ والدي مَريضاُ
سمعَ صديقُه
مالكْ ذلكَ ولمْ يتكلمْ
لأنه يعلمُ أن سمير يكذبُ لكيْ يهربَ منْ
عقوبةِ المُعلم .
وجاءَ سمير في اليومِ التالي وقالَ نفسَ الكلام .
واستمرَ علي
هذا النحوِ حوالَيْ شهرٌ كاملُ يخدَعُهم
بأنَ السببَ في عدمِ تأديةِ واجبهِ المَدرسي إنما هو مرضُ والدهِ .
أما مالك صديقهُ فقدْ حذرَه وقال
له : إنكَ كذبتَ كثيراً
وسوفَ ينكشفُ أمرُكَ لا محالة .
ولا يمكنُ
أن تظلَ طولَ العامِ تقولُ
إنَ والدي مريضٌ .
قال سمير : لا
تقلقْ سوفَ أفكرُ في حيلةٍ أخري .
أما المعلمُ
فقد اتفقَ معَ
بعضِ الطلابِ أنْ يتَجهوا بعدَ
نهايةِ اليومِ الدراسي لزيارةِ والدِ سمير ولم يكونوا
يعلمونَ أن سمير يخدَعُهم .
وجدَ سمير فجأةً المعلمَ مع بعضِ زملائهِ قدْ جاءوا لمَنزلِه
لزيارةِ والدهِ المريض .
ودخلَ المعلمُ
المنزلَ وسألَ سمير عن والدهِ ,
فقالَ بأنهُ قد ذهبَ إلي المستشفى
للقيامِ ببعضِ التحليلات .
ولكن الكذبَ لا بُد
له من نهاية .
وفجأة وجدَ سمير والدَه
قد دخلَ
عليهم مع أن هذا ليسَ موعدُ رجوعهِ
منَ العمل .
أصيبَ سمير بصدمةٍ
ولم يستطعْ الكلامَ وفهمَ المعلمُ
ما حدثَ , ومع
ذلكَ لم يُشعر والدَ سمير
بشيءٍ من ذلكْ . و أخبرَ الوالدَ بأنَ السببَ في زيارتهِ هو والطلابُ إنما هُو
حُبهم لسمير ومنْ أجلِ الاطمئنانِ عليه .
وفي اليومِ التالي
في المدرسةِ استدعي المعلمُ سمير إلي حُجرةِ المدرسين
وسأله لماذا كذبتَ يا سمير ؟
فقال بأنني ألعبُ
كرةَ القدمِ كثيراً وأرجعُ
مُؤخراً إلي المنزلِ فلا أجدُ وقتاً لأداء ما علي
من واجبات فاضطررتُ إلي الكذِبِ لأبررَ
ذلكْ .
قال له المعلم :
لقد أخطأتَ يا سمير مرتينْ الأولي أنك تلعبُ كرةَ القدمِ كثيراً
ثم تعودُ مؤخرا .
فلا مانع من اللعبْ , ولكن
اختر الأوقاتْ التي ليس عليكَ
واجباتٍ فيها , وإن
زادت الواجباتُ فأمامَك يومٌ في آخرِ الأسبوعْ , كما أن أمامَكَ إجازةُ نِصْفِ العامِ وإجازةُ
نهايةُ العامِ تلعبُ فيهما كما
تشاءْ أو فالعبْ
لفترةٍ قصيرة ٍكما يَفْعلُ صديقٌكَ مالِك ثم تعودُ لتُكمل َكلَ واجباتِك .
المرةُ الثانيةُ
هي الكذبُ , والكذبُ
إن اقتنع به الآخرونَ مرةً فلن يقتنعوا الثانيةَ, ولا بد وأن
ينكشفَ الأمرُ فبدلاً منْ أن تَجعلَ الكذبَ
هَدفُكَ اجتهدْ لتُؤدي ما عَلَيك من واجباتٍ لتنامَ
مرتاحاً راضياً عن نفسك
.
قال رسولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم "
عليكم بالصدقْ فإن الصدقَ يهدي إلي
البرْ وإن البرَ يهدي إلي الجنةْ ولا يزالُ الرجلُ يصدُقْ ويتحرَى الصِدقَ حتي يُكتبَ عندَ اللهِ صِديقاً . وإياكمْ والكذبِ فإنِ الكذبِ يهدي
إلي الفجورْ وإن الفجورَ يهدي إلي
النارْ ولا يزالُ الرجلُ يكذبُ ويتحرى الكذبَ حتي يُكتبَ عندَ الله
كَذاباً " هلْ
تجدْ يا بُني
تحذيراً من الكذبِ أكثرَ مِنْ ذلكْ .
وعدَ سمير المعلمَ بأنهُ
لن يكذبَ ثانيةً وبأنهُ سوفَ يأتي
اليومَ التالي ويقومُ بعملِ الواجبِ
كاملاً .
وفي اليوم
التالي جاءَ سمير إلي المدرسةِ وقدْ أدي كلَ واجباتهِ
المدرسية .
وفرح المعلمُ
كثيراُ بسمير الذي تعلمَ كثيراً من الدرسِ الذي حدثَ له .
ترك سمير لعب َكرةِ القدمِ إلا في
أيامِ العُطُلاتِ و أعلمَ مالكَ
بأنهً سوفَ يأْتي كلُ يومٍٍ
إليهِ في المنزلِ ليذاكِروا .
وانتظر مالكُ سمير اً ولكنهُ لم
يأتِ .
فقال له في
اليومِ التالي سوفَ أَحضرُ هذهِ المرةِ
.
وانتظره مالكُ ولكنهُ
لمْ يأتِ وظلَ علي هذا النحو ِ أسبوعاً كاملاً
يعدُ ولا يوفي بوعدهِ
.
عاتبهَ مالكُ
ثُم شكاهُ لوالدهِ فقالَ
له والدُه : لماذا تُخلفُ وعدَك
مع صديقِك يا سمير ؟
ألم تعلمْ أن النبيَ صلي الله عليه وسلمَ قال "
آيةُ المنافقِ ثلاثاً إذا حدثَ
كذبَ وإذا وعدَ أخلفَ وإذا أؤتمنَ
خانْ " .
قال سمير : إنَ
الأمرَ بسيطٌ .
قال والدهُ
مهما كانَ بسيطاً فأنتَ تُسببُ
القلقَ لمنْ تُعطي له وَعْداً , يظلُ ينتظرُكَ , فإن كنت
لا ترغبُ في هذا الأمر فأبلغْهُ قبلَها
وبهذا لا تكونُ
مُخلِفاً لوَعدكْ .
قال سمير : فهمتُ
جيداً يا والدي وأعدُك
بأنني لنْ أكونَ مُخْلِفاً لوعودي
بعد ذلك أبداً .
ووعدَ سمير مالكَ بأنهُ سوفَ يأتي
في اليومِ التالي ليُذاكرَ مَعهُ .
و ذهبَ سمير في الميعادِ
الذي حَددهُ إلي
منزلِ صديقهِ مالكٍ
ليُذاكروا .
وتعلمَ سمير أن يكونَ
صادقاً في حديثهِ وأن يوفي بوعودهِ وبهذا
يكونُ محافظاً علي خُلقٍ
عظيمٍ من خُلُق
الإسلامْ ألا وهو الصِدْق
.