في المساء وبينما كنت جالس في غرفتي أذاكر استعدادًا لأداء امتحان آخر مادة في امتحانات نهاية العام ،وهي مادة العلوم .
كانت أسرتي تستعد لاستقبال مولودًا جديدًا حيث ان أمي ذهبت إلى المستشفى مع أبي منذ ساعة ونصف.
وأنا جالس أذاكر بمفردي في المنزل.
وكان الجو شديد البرودة كاحل الظلام ،وكانت دقات قلبي تدق أسرع من دقات ساعة الحائط فتتداخل في أعماقي المشاعر فتارة أشعر بأن قلبي طار بجناحيه في الأفق البعيد يرفرف سعيدًا بالمولود الجديد فأخيرًا سيكون لي ا خ ألاعبه وأشاطره أفراحي وأحزاني بعدما كنت وحيدا.
وشعرت بأن جدران المنزل تتراقص فرحة ،وأن الأرض تتموج كأمواج البحر من تحت قدماي. وبينما أنا كذلك إذا بي اسمع صوت من داخلي هل نسيت امتحان العلوم غدا؟
فلا بد لك أن تراجع ما تعلمته خلال العام الدراسي حتى تستطيع أن تنجح.
وحينها توقف جسدي كله وكأن قدماي غاصت في أعماق الأرض ،ولا استطيع الحركة ،وتملكني شعور بالرهبة و الرجفة فقلت لنفسي ماذا حدث لي ؟
وحينها رفعت يدي إلى اعلي وقلت أن جسمي يتحرك فجلست على المنضدة لتكملة المذاكرة.
وفي أثناء ذلك نظرت من شرفتي فشاهدت الغمام الكثيف في السماء ، ويحدق في بوجهه الأسود فعدت أذاكر بصوت عالي وأخذ صوتي يعلو ويعلو ، ورجوت الله في نفسي لو تأخر سقوط المطر إلى أن تعود والدتي من المستشفى .
وكلما نظرت من شرفة المنزل ،وأجد هذا الظلام الدامس ذو العيون الكاحلة التي ينبثق من داخلها شعاع من السكون فيرتعد جسمي خوفًا وأقول في نفسي متى يأتي الصباح بعيونه المشرقة الوضاءة ؟
فأكملت مذاكرتي حتى قربت على الإنتهاء منها ، وإذا بعيوني لا تستطيع أن تتحمل مزيد من الإجهاد. وإذا بعقلي يتركني بعيدا ويرحل عني.
وفي أثناء هذه اللحظات وضعت رأسي على المنضدة التي أذاكر عليها وغادرت كتاب العلوم الذي وقع على الأرض دون أن اشعر. وإذا به شعاع من النور يتسلل إلى غرفتي ،وحينها استيقظت من نومي فجريت مسرعًا إلى شرفة الغرفة. فشاهدت النور يملأ السماء، وكأن الروح عادت إلى جسدي ورأيت ماء المطر يملأ الطريق .
وفي نفس اللحظات، وبينما دقات قلبي تدق بسرعة متلهفة لرؤية أخي الصغير إذا بي اسمع صوت بكاءه فانتفضت مسرعًا إلى الغرفة المجاورة حيث وجدت أخي الصغير فقبلته ،وأنا فرحًا به.
فقال لي أبي :هيا استعد لكي تذهب لإمتحان العلوم فكنت أتحرك للأمام واشعر بشئ يشدني للخلف نحو أخي الصغير فقدماي تتلكأن في المشي للأمام .
وحينها قال لي أبي بصوت عالي :
هيا حتى لا تتأخر على الامتحان.
فقبلت أخي الصغير قبلة وعيناي تجريان نحوه ولا تريدان أن تبتعد عنه ، وقلت له بصوت خافت سآتي لك بعد فراغي من الامتحان فأنني قد انتظرت مجيئك كثيرًا .