لعل قضية الانتماء من أهم القضايا المنسية والمهمة التي تخص الوطن
ككل وتصب في صالح حل معظم مشاكله وقضاياه . فبدون الانتماء لا يحدث ترابط ولا تفاعل بين السلطة وبين الشعب إذ أن كل ما يربط أبناء
الوطن الواحد هو الانتماء لهذا الوطن وبالتالي تسير قوانين الحياة فيه
علي الجميع
لأنهم يتفهمون
أنماطه وبالتالي تربطهم هذه القانون وأنماطها ...
الوطن مثل الأسرة الواحدة , فلولا الروابط التي تربط الأسرة والمشاعر التي تجمعهم سويا مع اختلاف درجاتهم لما حدث ترابط ولما صارت هناك أسرة أصلا
انتماء الإنسان لوطنه قيمة إنسانية ودينية وقيمة حضارية مهمة لا يمكن تجاهلها وبها يبني علاقاته وتعاملاته مع الآخرين داخل هذا الوطن
كيف يحب الإنسان وطنه وهو لا يحترم أبويه وكيف يحب وطنه وهو لا يخلص في عمله وكيف يحب وطنه وهو يكره ويعادي السلطة لأسباب
شخصية أو انتماءات حزيبة وبالتالي ربما أضر بمصلحة الوطن كل هذه أمراض
وعيوب وسلوكيات تحتاج إلي عقاب ومحاسبة
كل إنسانٍ بالغٍ عاقل راشد يصبحُ مسئولا عن تصرفاته … فمن
يشارك في عمل فيه تخريب للدولة أو تدمير لمنشآتها
فهو يستحق العقوبة إن تمكنت السلطة من القبض عليه قبل أن يعود
إلي رشده , ولا أحد يقول إنه لا يعلم أو كان منقادا فكما يقال عدم العلم بالجريمة أو العقوبة لا يعفي المجرم من العقوبة
لمجرد أن أي إنسان مهما كان اشترك في أمر ما مهما كان يضرُّ وطنه فهو مجرم . ما لم يكن واقعا تحت تأثير تهديد أو مصاب بمرض نفسي أو عقلي أو مخدر
وإن كان الفهم والعلم بالعقوبة وبالجريمة يستدعي عقوبة مغلظة
وبالتالي من يخون وطنه لا مبرر له مهما كان جهله ..
فلا أي شيء يبرر خيانة الوطن أو تخريب منشآته الهامة .
كيف نزرع الانتماء
كلمة زرع الانتماء ولأن المعني أعجبني فالانتماء قيمة تربوية وسلوكية
تربي وتنمي في الطفل حتي يشب عليها
ولأن جينات الانتماء جينات وراثية ولأن الانتماء عند العربي هو أعلي درجات الانتماء في العالم وكما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم عن جند مصر فعن عمرو بن العاص رضى الله عنه: حدثنى عمر رضى الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم يقول: « إذا فتح الله عليكم مصر بعدي فاتخذوا فيها
جندًا كثيفًا ؛ فذلك الجند خير أجناد الأرض ، فقال له أبو بكر: ولم ذلك
يا رسول الله؟ قال: لأنهم فى رباط إلى يوم القيامة ”.
لن يأتي ترابط الشعب وتآلفه إلا بحب الوطن بل وأعلي درجات الحب حب الوطن ومع اختلاف الطبائع واختلاف الشخصيات والأعمال يجمع المصريين أمرٌ واحدٌ هو حبُّ الوطن والارتباط به
فمن يقدم خدمة جليلة للمجتمع تجده مشهورا محبوبا وربما نال مكانة
أو وضعا بين الناس لم ينله صاحب المال
ونري ذلك فيمن حققوا البطولات والنجاحات المشرفة للوطن
نرجع إلي محور الموضوع وهو الانتماء ,كيف نزرع الانتماء ؟
في الطفل من أول ميلاده وهو أن تعطيه حقه من الحب والحنان
والرعاية , وإن حرمته من هذه الأمور سيشعر الطفل بالاغتراب والجفاء الذي هو أول بذرة تبت داخله بالحب والانتماء لأرضه ووطنه ..
إن مراعاة حال الطفل عَبر مراحل حياته العُمرية من أهم الواجبات التي
ينبغي ان تلتزم بها الأسرة، حيث أن لكل مرحلةٍ من مراحل نمو الطفل
العقلية والنفسية والاجتماعية لها تأثير على سلوكه وتفكيره,
وهو ما يسمى بعلم النفس الفسيولوجي Psychophysiology.
التربية للطفل محور هام في مرحلة التربية وكلنا يعرفها فهناك الثواب والعقاب وكل الأطفال يحتاجون إلي كل هذا مع اختلاف سنهم ومستوي
قدراتهم الذهنية فالأب موجهٌ ومربي , وهو أعلم بحال ابنه وفي النهاية يجب أن تكون التربية علي أساس احترام الكبير ...
مساعدة المسن والعجوز و عدم الاستيلاء علي ممتلكات الغير التأدب
في المعاملة , كل ذلك له دور في التربية
ولكل سن منهج تربوي وأسلوب ولغة تختلف عن المرحلة التي تليها
حتي في أناشيده ومنهاجه الدراسية ... هذه الأمور تصب كلُّها في حب الوطن وحماية مقدراته الأخلاقية
احترام اللغة واحترام الوطن واحترام الشخص لنفسه هي أهم محاور
التربية خاصة في هذه المرحلة فهي أعمق المراحل في الحفاظ علي
كيان الطفل الداخلي وهويته
وبالتالي يجب تحفيظ الطفل الأناشيد الوطنية والتربوية ويجب تحية ا
لعلم ويجب توعيته بكل القيم التربوية شيئا فشيئا حتي يستوعبها….
وأي خلل أو تقصير في توجيهه يقابله خلل في سلوكه وتصرفاته , وربما أصبح من الصعب تقويمه إلا بالعقوبة بعد كبره أو ربما استمر بلا تهذيب علي ذلك إلي أن يصطدم بأفعال تضر وطنه أو مواطنيه
يجب علي المدرسين أن يكونوا قدوة للتلاميذ , وهذا محور مهم جدا لكسب حب واحترام الطفل وأيضا لتربيته التربية الصحيحة ولهذا فالدروس الخصوصية خاصة في هذه المرحلة عامل كبير جدا في هدم التربية واهدار قيمة المعلم بل وربما إهدار كل القيم في عقل الطفل في مرحلة من أهم مراحل
حياته
طبعا هناك دور كبير علي الأبوين في تهذيب سلوك الطفل ..
ولكن ربما كان دور المدرسة مصلح لفساد أسلوب الأسرة التربوي والعكس وإن كان دور الأسرة أحيانا لا يستطيع أن يصلح ما تفسده المدرسة اللهم إن كان الأبوان أو أحدهما ذا مواهب خارقة في فهم أصول التربية . للقصص والأدب دور هام جدا في تربية الطفل فالقيم التي يتعلمها الطفل من
المنهج في القصص والحكايات والأناشيد ومن تفاعله مع من حوله
كل ذلك يرسم منهجا أخلاقيا عند الطفل يكون خريطة المستقبل له ...
تأتي المرحلة الإعدادية والثانوية وإن كان لها دور أيضا ولكن دور في
بناء الشخصية والتعلم أكثر وتقويم السلوك المعوج عند الطفل الذي
دخل في مرحلة البلوغ وبالتالي تختلف الناحية التربوية له عن المرحلة الابتدائية ولكن تلتزم هذه المرحلة بمرحلة العقوبة للمخطئ .... مع التوجيه وتنمية قدرات الأولاد علي العطاء والمشاركة في كل عمل مفيد لمجتمعهم ... تنمية
الاعتماد علي النفس
وفي مرحلة الجامعة تكون قضية الأخلاقيات قد اتضحت تقريبا عند
الطالب , وتظهر في سلوكياته ,,,,
ولكن الطاقة التي داخله يجب تفجيرها
طاقة الشباب طاقة العطاء طاقة الحب للمجتمع طاقة المشاركة لتنمية شخصيته وتحسين قدراته النفسية كل ذلك يفجِّر مواهبه تجاه وطنه ومجتمعه
ويساعد علي تقوية شخصيته ...
جانب التقويم مهم جدا في هذه المرحلة التي تتسم بنفور الشباب وحبهم للخروج عن المألوف عادة ..
ولكن يجب أن يكون هناك حزم في تلجيم النوازع الشريرة والشيطانية التي ربما تنتاب بعضهم ,, محافظة علي المجتمع وتوجيها لهم ... حتي يعودوا إلي رشدهم ,,, ليكونوا أفرادا صالحين في مجتمعهم ..
نذهب إلي مرحلة مهمة جدا وهي مرحلة ما بعد الجامعة
حين نريد أن نعمِّقَ الانتماءَ عندَ خرِّيج الجامعة فيجب أن يقوم الخريج
بعمل تطوعي لمدة عام أو عامين ربما ثلاثة من أجل تعميق حب
الوطن
ربما بأجر رمزي أو بدونه , وهناك من يلتحق بالخدمة العسكرية ويعتبر
قد أدي العمل الوطني وأصبح مواطنا صالحا في الوطن
يكون المواطن بعد ذلك مؤهلا لان ينطلق داخل مجتمعه ويحقق ذاته ويعيش كإنسان يستمتع بحياته بالطريقة التي يحبها ولأنه أصبح مؤهل نفسيا
وتربويا وعقليا للتعايش مع مجتمعه علي نحو صحيح ..
وتحكمه تقاليد وعادات وأخلاقيات وطنه والتي وحدها كفيلة بإخراج
ما لديه من حب أو كره أو انتماء للوطن ويظهر ذلك في حب الناس له
يأتي دور الدولة فقط في توزيع الأدوار
عدم الظلم الاجتماعي و عدم تمييز طبقة عن طبقة
تعيين من كان مؤهلا لحمل المسئولية
وبالتالي فساد الدولة أو الفساد الحكومي أو السياسي ربما كان سببا من أسباب ضياع الوطنية عند بعض الناس بإذلالهم نفسيا أو اجتماعيا أو حرمانهم من حقوقهم وغير ذلك يفجر طاقات العدوانية عند الإنسان السوي حين يستشعر
بمهانته وذله داخل وطنه وإعطاء الحقوق لغير مستحقيها
وبالتالي العدالة وحدها هي أهم بند عند المواطن لتحقيق الوطنية
معاقبة المفسد ليكون عبرة
بند مهم لصلاح المجتمع وتعميق قيم الوطنية
أخذ المال المنهوب من من نهبوا ثروات الوطن خاصة إن كان مسئولا
توزيع هذه الثروات علي المحتاجين أو عمل خدمات لهم عامل مهم من عوامل تحقيق المواطنة
شعور المواطن بأرضه وحصوله علي أرض بأسعار رخيصة وشقق بأسعار
ميسرة جدا يعتبر بند مهم من بنود الوطنية
الدعم للمحتاجين هو بند من بنود الوطنية
المواطن البسيط والضغط عليه وعدم إشعاره بوطنه وبأن له مكان أو
كرامة داخل وطنه ولا يشعر فيه بالأمن عامل هدم من عوامل هدم
الوطنية
إعطاء مرتبات عالية جدا لهيئة خاصة وتمييزها جعلها فوق الشعب مع أنها لم تقدم للوطن ما تستحق عليه ذلك نوعٌ من العنصرية والتعالي والتفريق والتكبر
بين أبناء الشعب وبالتالي تمرد علي القيم الاخلاقية ووجود عدوانية
لدي الطبقات المهمشة تجاه هذه الأفراد أو ربما تجاه المجتمع عامة
من أراد أن يغرس الأخلاقيات الوطنية والانتماء
فليقوم بتوزيع عادل للأدوار
وعدم تمييز أي إنسان إلا بعلمه أو عمله وبعطائه لوطنه
إعطاء الحقوق الأساسية للمواطن
الدواء والسكن والطعام والمواصلات وغير ذلك من أراد التميز فيتميز بمجهوده.
يجب معاقبة كل مستهتر أيَّاً كان صغيرا أو كبيراً ومعاقبته بعقوبة رادعة
وعلنية وسريعة وبدون إجراءات قضائية طويلة الامد فهو تبديد للعمر وتضييع للعدالة حتي يشعر الجميع بذلك فترتاح نفوسهم ويخاف من تسول له نفسه بفعل ذلك .
بكل هذا يمكن أن نغرس ونزرع الانتماء في المجتمع ونحدد معالمه
فالانتماء يكون بالغرس عند الصغير وبالتوجيه والتعليم والتربية والقدوة
الحسنة وعند الكبير باتباع القانون والمحافظة علي أخلاقيات الدين سواء للمسلم أو المسيحي وردع المتجاوزين حتي تتحدد المعالم عند الجميع
ومعاملة المواطن كمواطن وليس كعابر سبيل ...