في قرية بعيدة، كان يقطن فلاَّح نشيط يملك بُستَاناً جَميلاً، فيه كَافَّةُ الخُضرَوَاتِ والفَوَاكِهِ، يعمل على العناية به وزرعه و يعيش منه هو وأسرته. في يوم من الأيام، بينما كان الفلاَّح وزوجته يقطفان التفاح من الشجر، وجَدَا تفاحة كبيرة، فقررا حملها وأخذها إلى البيت.
حملت الزوجة السكين لتُقَطِّعَ التُّفاحَةَ، فَإذا بِصَوتٍ يخرجُ منها: "لا يا خالة لا تجرحيني !" وعاودت المحاولة عدة مرات، وكل مرة تسمع نفس الكلمات ! ذهبت الزوجة إلى زوجها تروي له الحكاية فاستهزأ بكلامها، وأخذ السكين ليقطع التفاحة، وإذ بِما حَدَثَ مع زَوجَتِه يَتَكرَّرُ مَعَه، اقتَرَبَتِ الزَّوجَةُ مِنَ التُّفاحَةِ فتأكدت من وُجودِ صَوتٍ يَخرُج منها:
"أنا فتاة.. لاتَخَافَا مِنِّي ولَاتَقلَقَا."
"أنا فتاة.. لاتَخَافَا مِنِّي ولَاتَقلَقَا."
اقترب الفلاَّح من التفاحة الناطقة وسألها: "مَن أنتِ؟ ومِن أينَ جِئتِ؟ ولِماذا أصبح شكلك هكذا؟"
فأجابته: "أنا مِنَ القَريَةِ المُجَاوِرَة، تَرَكتُ مَنزِلِي ذاتَ لَيلَةٍ لأنَّ والِدَيَّ يُزعِجانِي كَثيراً بسُلطتِهِم عَلَيَّ واهتمامِهِم بكلِّ أُمُورِي، فهم لا يترُكُونَ لي حُريَّةَ الاختيار، فخَرَجتُ من المَنزلِ ومَشيتُ...
فأجابته: "أنا مِنَ القَريَةِ المُجَاوِرَة، تَرَكتُ مَنزِلِي ذاتَ لَيلَةٍ لأنَّ والِدَيَّ يُزعِجانِي كَثيراً بسُلطتِهِم عَلَيَّ واهتمامِهِم بكلِّ أُمُورِي، فهم لا يترُكُونَ لي حُريَّةَ الاختيار، فخَرَجتُ من المَنزلِ ومَشيتُ...
حتَّى وَجَدتُ بُستَاناً جميلاً فقَطَفتُ الأزهَارَ و تَسَلَّقتُ على الأشجارِ، لكنني بِدُون قَصدٍ كسرت الأغصانَ و سببت فوضى في البُستان، حتى رأيتُ في السماء أمرأةً عجوز تطير على مِكنَسَةٍ من القَشِّ ومعها عصاً طويلةً، و كانت غاضبة جدًّا بسبب الأزهار التي قطفت و الأغصان الَّتي كسَرت، فَوبَّختني و حولتني الى تفاحة، فركضت خوفا منها حتى وصلت الى هذا البستان."
حزن الفلاَّح وزوجته لِما أصاب الصَّغيرة وقَرَّرَا مُساعَدَتَها: "أهلا وسهلا بك، اعتَبِري هذا البَيتَ بَيتَكِ." وهكذا بَقِيَتِ الفَتَاةُ التفاحة مع الزوجَينِ يعتَنِيان بها، كما بدأت تُسَاعِدُهُما في أَعمَالِ البُستَان، تُنَظِّفُ و تَسقِي النَّبَاتَات.
حزن الفلاَّح وزوجته لِما أصاب الصَّغيرة وقَرَّرَا مُساعَدَتَها: "أهلا وسهلا بك، اعتَبِري هذا البَيتَ بَيتَكِ." وهكذا بَقِيَتِ الفَتَاةُ التفاحة مع الزوجَينِ يعتَنِيان بها، كما بدأت تُسَاعِدُهُما في أَعمَالِ البُستَان، تُنَظِّفُ و تَسقِي النَّبَاتَات.
ودون علم (تفاحة) ، ذهب الفلاَّح في رحلة البحث عن تلك الساحرة بالمكان الذي وصفته الصغيرة. و فِعلاً وَصَلَ إلى البُستَانِ الكَبيرِ المُمتَلِئ بالأزهَارِ و الشُّجَيرَاتِ العَجِيبَةِ و الجميلَة، و غَيرَ بعيدٍ عن البُستَانِ رأى المنزِلَ الغَريبَ الَّذِي تَسكُنُهُ السَّاحرَةُ. دَقَّ البَابَ فخَرَجَت إليهِ امرَأةٌ عجوزٌ تلبَسُ لِبَاسَ السَّحَرَةِ الأسوَدِ و بِيَدها عصاً طويلَةً، و كَانت تَسكُن معَهَا حيواناتٌ وَ طُيورٌ غَريبة..
"من أنتَ أيُّها الغريب؟" سألت الساحرة بِقلق.
"أنا فلاحٌ أُحِبُّ النَّبَاتَاتِ و الزَّرعَ، ولَفَتَ انتباهي جَمالُ بستانِكِ و رَوعَتُه، فقرَّرتُ أن أُهنِّئك على ذوقك الجميل."
ابتسمت الساحرة فرحا بإطراء الفلاَّح الذي أضاف "وأُريدُ أيضًا أن أطلب مِنكِ معروفاً."
و حكى لها عن الفتاة التفاحة التي لم تَقصِد الإضرَارَ بِالبُستانِ و طلب منها أن تساعدها في العَودةِ إلى طَبيعَتها. ووعدها أن يُعَلِّمَها حُبَّ و احترَامَ النَّبَاتَاتِ.
"حسنٌ أيها الفلاح المحتَرَم، سأُعطِيكَ عِلاجاً سِحرِياً يُرجِعُهَا إلى طَبيعَتِها، خُد.. هذه بذرةُ وَردَةِ الحِكمَةِ، أعطها للصَّغيرَةِ، وأَخبِرها بأن تَسقِيها و تَرعاهاَ إلى أن تَكبُر، وَحينَها ستعود إنسانة."
"من أنتَ أيُّها الغريب؟" سألت الساحرة بِقلق.
"أنا فلاحٌ أُحِبُّ النَّبَاتَاتِ و الزَّرعَ، ولَفَتَ انتباهي جَمالُ بستانِكِ و رَوعَتُه، فقرَّرتُ أن أُهنِّئك على ذوقك الجميل."
ابتسمت الساحرة فرحا بإطراء الفلاَّح الذي أضاف "وأُريدُ أيضًا أن أطلب مِنكِ معروفاً."
و حكى لها عن الفتاة التفاحة التي لم تَقصِد الإضرَارَ بِالبُستانِ و طلب منها أن تساعدها في العَودةِ إلى طَبيعَتها. ووعدها أن يُعَلِّمَها حُبَّ و احترَامَ النَّبَاتَاتِ.
"حسنٌ أيها الفلاح المحتَرَم، سأُعطِيكَ عِلاجاً سِحرِياً يُرجِعُهَا إلى طَبيعَتِها، خُد.. هذه بذرةُ وَردَةِ الحِكمَةِ، أعطها للصَّغيرَةِ، وأَخبِرها بأن تَسقِيها و تَرعاهاَ إلى أن تَكبُر، وَحينَها ستعود إنسانة."
أخد الفلاَّح البَذرة السِّحرية و شَكرَ الساحرة على لُطفهاَ، ثُمَّ انطلق الى القرية المُجاَوِرَةِ بَاحِثاً عن مَنزِلِ أهلِهَا وعِندَمَا وَصَلَ إليهِ وَجَدَ الوَالِدَينِ يَقفانِ أمَامَ البَابِ وملامِحُ الحُزنِ قد بدت على وَجهِهِمَا.
"أنا فَلاَّحٌ من القرية المُجاوِرَةِ، وجِئتُ أُخبِركُمَا أنَّ ابنَتَكُمَا بِخَيرٍ عِندي في مَزرَعَتِي."
فَرِحَ الوالِدَينِ كثيراً بهذا الخَبر، ووَعَدَهُمَا بإعَادَة ابنتِهما ولكن بعد تعليمها معنى محَبَّةِ الوَالِدَين.
"أنا فَلاَّحٌ من القرية المُجاوِرَةِ، وجِئتُ أُخبِركُمَا أنَّ ابنَتَكُمَا بِخَيرٍ عِندي في مَزرَعَتِي."
فَرِحَ الوالِدَينِ كثيراً بهذا الخَبر، ووَعَدَهُمَا بإعَادَة ابنتِهما ولكن بعد تعليمها معنى محَبَّةِ الوَالِدَين.
ولَمَّا رجع الفلاَّحُ إلى المزرعَةِ أعطى البَدرَةَ (لِتُفاحة) و أوكَلَ إليها زَرعَها و رِعايتها اليومِيَّة. فكانت تَستَيقِظُ كُلَّ يومٍ في الصَّبَاحِ البَاكِرِ، تَذهَبُ إلى البُستَانِ، لتَسقِي نَبتَتَهَا، وتضَعَ لَهَا السَّمادَ، وتُنَظِّفَ مَا حَولَهاَ، دُونَ تَعَبٍ أو كَلَل. يوماً بَعدَ يومٍ ازدَادَ تَعَلُّقُهَا بِهاَ، وبَاتَت شُغلَهَا الشَّاغِل. عِندمَا وَصَلت لِهذِهِ المَرحَلَةِ لاحَظَ الفلاَّحُ ذَلكَ، وَسَأَلَ الفَتَاةَ: " لِماذَا تَعتَنِينَ بِهذِه الزَّهرَةِ وتَجلِسِينَ أَمَامَهَا لَيلَ نَهار؟"
فأجابته: "لأنَّهاَ نَبتَتي أُحِبُّها، فَأَنَا مَسؤُولَةٌ عَنها، أخَافُ أَن يُصِيبَها أيُّ مَكرُوهٍ."
ردَّ الفلاَّح قائلاً: "إن مَحبَّة والِدَيكِ لَكِ تُشبِهُ مَحَبَّتَكِ لِلنَّبتَة، واهتِمَامُهُم بِك وخوفُهُم عَليكِ هو بِمَثَابَة اهتِمَامِكِ بِهذه النَّبتَة وخَوفُكِ عَلَيهَا، والآن هم قَلقُونَ عَليكِ جِدًّا." خفضت الفتاة رأسها، وشعرت بالحُزن لِحال والديها.
و مرّت الأيام على الفتاة بين المنزل، معَ الفلاَّح و زوجَته، وبَينَ البُستانِ تَسقي الوَردةَ و تَرعَاهَا.. و كانت الوردَةُ تَنمُو و تنمُو.. إلى أن جاء يومٌ طَلَّ فيه الفلاح من النافِذةِ فرأى فتاةً جَميلةً تَقِفُ بِجانِب وردَةٍ عجيبةٍ مُتَفَتِّحةٍ خَلاَّبة الجمال ! فنادى على زَوجَته:"تعالى انظري ! لقد عادت تُفَّاحةُ إلى طَبيعَتهاَ !"
فأجابته: "لأنَّهاَ نَبتَتي أُحِبُّها، فَأَنَا مَسؤُولَةٌ عَنها، أخَافُ أَن يُصِيبَها أيُّ مَكرُوهٍ."
ردَّ الفلاَّح قائلاً: "إن مَحبَّة والِدَيكِ لَكِ تُشبِهُ مَحَبَّتَكِ لِلنَّبتَة، واهتِمَامُهُم بِك وخوفُهُم عَليكِ هو بِمَثَابَة اهتِمَامِكِ بِهذه النَّبتَة وخَوفُكِ عَلَيهَا، والآن هم قَلقُونَ عَليكِ جِدًّا." خفضت الفتاة رأسها، وشعرت بالحُزن لِحال والديها.
و مرّت الأيام على الفتاة بين المنزل، معَ الفلاَّح و زوجَته، وبَينَ البُستانِ تَسقي الوَردةَ و تَرعَاهَا.. و كانت الوردَةُ تَنمُو و تنمُو.. إلى أن جاء يومٌ طَلَّ فيه الفلاح من النافِذةِ فرأى فتاةً جَميلةً تَقِفُ بِجانِب وردَةٍ عجيبةٍ مُتَفَتِّحةٍ خَلاَّبة الجمال ! فنادى على زَوجَته:"تعالى انظري ! لقد عادت تُفَّاحةُ إلى طَبيعَتهاَ !"
غَمرَتِ الفَرحَةُ الفتاةَ وهيَ تَنظُرُ إلى جسمها الطَّبيعي و إلى وَردتها الَّتي كَبُرت و تَفتَّحت، ثمَّ ركضت في أحضان الفلَّاح و زوجته.
"شُكراً لكما على كلِّ ما فعلتماه من أجلي" قالت الفتاة."سأعُودُ دائماً لأرَاكُمَا و أَرَى وردَتِي الجَميلَة."
واستأذنتهما بالعودة الى منزلها فوافقا، فرَكَضَت مُسرِعَةً. كَانَت أمُّها و أبُوهَا جَالِسَينِ أمامَ باب المنزل و علامات الانتظارِ و الحَيرَةِ على وجههما، وإذ بابنتِهِمَا الوَحيدَةِ تَلُوحُ أمَامَ ناظِرَيهِما. فسُرعانَ ما تبَدَّلَت مَلامِحُهُما إلى بهجة وسرور، عانَقَتِ البِنتُ والِدَيها بشِدَّة، واعتذرت مِنهمَا قائلة: "أنا آسفة، لم أكُن مُقَدِّرَةً لحرصِكُما، فكُنت سَاذجَة مُخطئة التصرف."
و عاشت الفتاةُ سَعِيدَةً مَعَ وَالِدَيهَا وَ لَم تَنقَطِع عَن زِيَارَةِ الفلاَّحِ و زَوجَتِه ووَردَةِ الحِكمَةِ الجَميلَة.
"شُكراً لكما على كلِّ ما فعلتماه من أجلي" قالت الفتاة."سأعُودُ دائماً لأرَاكُمَا و أَرَى وردَتِي الجَميلَة."
واستأذنتهما بالعودة الى منزلها فوافقا، فرَكَضَت مُسرِعَةً. كَانَت أمُّها و أبُوهَا جَالِسَينِ أمامَ باب المنزل و علامات الانتظارِ و الحَيرَةِ على وجههما، وإذ بابنتِهِمَا الوَحيدَةِ تَلُوحُ أمَامَ ناظِرَيهِما. فسُرعانَ ما تبَدَّلَت مَلامِحُهُما إلى بهجة وسرور، عانَقَتِ البِنتُ والِدَيها بشِدَّة، واعتذرت مِنهمَا قائلة: "أنا آسفة، لم أكُن مُقَدِّرَةً لحرصِكُما، فكُنت سَاذجَة مُخطئة التصرف."
و عاشت الفتاةُ سَعِيدَةً مَعَ وَالِدَيهَا وَ لَم تَنقَطِع عَن زِيَارَةِ الفلاَّحِ و زَوجَتِه ووَردَةِ الحِكمَةِ الجَميلَة.