والحقيقة أن الموهبة هي مجموعة قدرات خلاقة خلقها الله في الإنسان يرث بعضها من الأب أو من الأم أو من كليهما والمزيج من تجمع عدة صفات وراثية عند المولود ينتج الشخص الجديد بإمكانياتٍ عقلية وصفاتٍ متنوعة والمواهب من هذه الصفات وبالتالي الموهبة لا تُصَنَّع في الإنسان ولا يمكن إجبار أحد مهما أوتي من قوة علي خلق موهبة داخل فرد هي غير موجودة عنده إلا بأعمال الزور بأن يسرق جهد غيره أو يشتري هذا الإبداع بالمال أو بأي وسيلة أخري .
ويمكن فقط أن ينمي الموهبة لكي يخرجها للنور مثل البذرة التي تشق طريقها في التربة بعد أن تجد الماء والهواء لتنفسها فتبدأ في البزوغ .
أنت تأخذ بيد الطفل إلي الصنايعي أو الحرفي الخبير وتقول له : خذ هذا معك ليتعلم صنعة ما وتتركه معه مدة ويجربه الصنايعي ثم بعد ذلك يقول لك دعه معي ليتعلم أو أنصحك أن تحاول في مهنةٍ أخري .
هكذا كل أمور الحياة , وكل المواهب لا تأتي بكتابة أو باختبار أو امتحان ثم تقول هذا الطفل أو الإنسان موهوب , إنما تأتي بالممارسة ومن خلال الممارسة للعمل الفني أيا كان كتابي أو رسم أو غيره , يستطيع الخبير أن يقول لك إن هذا الطفل عنده مقومات لأن يكون موهوبا وربما سمعت أكثر من رأي لأن رأي البعض قد لا يكون صائبا أو الطفل لم يكن مستعدا نفسيا في هذه الفترة لإثبات مهارته .
فالموهبة قدرات داخل الإنسان يبحث هو عنها يحاول ويجتهد ساعياً أن يظهرها يلقي السعادة في تحقيقها ويضحي بوقته والكثير من أجلها ليشعر فيها ينفسه قبل أي شيء
الموهبة تحتاج الي قدرات ذهنية نفسية خاصة فيحتاج المبدع إلي قدرة علي التقاط الاحداث وبعد ذلك يوم بتحليها داخل ثم يخرج ذلك في صورة عملٍ فني ..
هذه الحاسة اسبه بالكاميرا يستطيع بها المبدع أن يلتقط عدة صور لجوانب داخل النفس البشرية ويحولها إلي عمل إبداعي سواءً كان شعرا أم قصة أم رواية أم غناءً أم تمثيلا أم غيره , وبالتالي من خلال التجربة والخبرة تنمو الموهبة وتزداد حتي تصل الي درجة الاحتراف .
وبالتالي الموهوب نفسه هو من يصنع نفسه ولكن ربما كان دور الاخرين هو وضعه علي الطريق وتيسير العقبات أمامه ووضعه في المكان اللائق به وتوجيهه ما أمكن وهو ما يوفر عليه الكثير علي الأقل عدم دفن موهبته ووأدها ..
ربما ظهرت عند الفرد مواهب متعددة وكثيرة وهذا يرجع إلي نشاط القريحة مع تعدد الأنشطة والطاقة في حياة الإنسان من طفولة لشباب لرجولة فكل مرحلة سنية تمتاز بتغير فكري ونشاط ذهني وفكري وجوانب نفسية متجددة يستطيعُ المبدعُ أن يسخِّرَها لإخراج أجملِ ما عنده .
الذكاء الاجتماعي والفكري والإرادة والعزيمة وحب التميز والبطولة من الأمور التي تزرع في الموهبة الجمال والرونق والرقي فقدرات الفرد النفسية والذهنية لها دور اساسي في صناعة العمل الذي يبدعه ..
وربما كانت الموهبة في أعلي صورها ومع ذلك لم تستطع أن تعبر عن نفسها وظهرت في شكلٍ رديء إما لعوامل داخلية من المبدع نفسه أو لعوامل محيطة مؤثرة عليه .
نعود الي الطفل كيف نخلق المواهب عند الأطفال ؟
الطفل بطيبيعته محتاج إلي الاتزان النفسي لكي يكون قادرا علي الإبداع وبالتالي وجود المعيقات النفسية له دور كبير في موت مواهب الطفل بل ربما دماره النفسي أو البدني أحيانا , ونفترض وجود الجو المناسب أو نقول علي الاقل غير المؤثر سلبيا علي الطفل كيف نظهر مواهبه .
أولا يحتاج الطفل إلي التعبير عن نفسه مع ترك الفرص والحرية للتعبير عن رأيه وترك جانب الخجل وتعوده علي التعبير عن مشاعره بشتي الوسائل المتاحة والمعقولة
التنفيس عن طاقاته المكبوتة باستخدام بعض الامور منها
الرسم : أولا يُعطي للطفل الفرصة أن ينطلق فيها ويخرج طاقاته المكبوتة وخياله , لا يشترط أن يكون رساما متميزا ولكن لإشباع الخيال والنشاط الذهني والعقلي والشخصية عنده ومناقشته والتحاور معه في أفكاره
الألعاب الرياضية عامة والذهنية وغيرها من أساليب التسلية والترفيه للطفل لها دور كبير في تمنية شخصيته وتجديد نشاطه الذهني .
ترك الطفل ليعبر عن نفسه بكل وسائل التعبير في شتي المواهب
فالطفل يتدرب حتي وإن لم يكن موهوبا في شيء فهو يختبر نفسه بنفسه .
يستطيع الخبير في مجال الفن مثلا أو الغناء أن يلتقط الطفل المناسب له وينمي موهبته ويدربه ويخرج أجمل ما عنده.
بينما مواهب الفكر كالشعر من الأمور الصعب جدا أن تظهر عن الطفل بشكل متميز في مراحل مبكرة ونحكم عليها ولكن ننميها ونتركه يخرج ما عنده من طاقات فربما أصبح كاتبا في مجال آخر غير الشعر ..
المواهب الفكرية تحتاج إلي خبرات طويلة وتراكم أفكار وخيالات عند المؤلف حتي يستطيع أن يخرج عملا جيدا للنور, وبالتأكيد عملا جديدا وبالتالي الإبداع الأدبي يكون أكثر سطحية عند الطفل في هذه المراحل
نجد كثيرا من من نجحوا في التمثيل في الطفولة لم ينجحوا نهائيا في الكبر ومن قاموا بأدوار عادية جدا وكانوا أطفالا عاديين منهم من نجح وأصبح بعد ذلك نجماً , والسبب هو التطور والتغيير في الشخصية والعقل والقدرات الذهنية التي تتغير باختلاف مرحلة البلوغ ثم بعد ذلك الرشد واكتساب الخبرة , وقدرات الشخص نفسها .
ربما حدث ما لا نتوقعه بعد بلوغ الطفل سن الرشد فربما يتجه لنمطٍ فنِّيٍ أو فِكريٍّ آخر والعكس .
نترك له حرية التعبير عن نفسه وخياله بدون كبت وإهدار لطاقته التي يؤدي كبتها وقمعها إلي آثار نفسية سلبية علي شخصيته .
وبالتالي بتغير السن ستتغير ملامح شخصية الطفل وعقله ومداركه بعد البلوغ وإن كان غالبا ما نجد أن تميزه الفكري دليل علي نشاط عقله وفكره وخياله وكل ذلك مؤشر طيِّبٌ علي سلامةِ تفكيره , وربما يكون متميزا في مجال ما من المجالات العلمية والأكاديمية وينسي الإبداع تماماً .