في قرية صغيرة علي ضفاف النيل كانت
تعيش فتاة اسمها سلمي مع أسرتها الصغيرة
التي تتكون من والدها وأمها الحنون
وأختيها الصغيرتين .
والدها فلاح نشيط يذهب مبكرا إلي حقله.
كانت سلمي كانت تحب الزهور وتعتني
بها , وتحب الطيور الجميلة التي تغرد حولها وهي سعيدة بها.
أحبت سلمي صديقتها الفراشة كثيرا فكانت دائما
ما تصحبها وتلعب معها .
في يوم من الأيام حين كانت سلمي تعتني بزهورها رأت فتاة سمراء
فنظرت إليها وقالت في سخرية ماذا تفعلين هنا أيتها الفتاة السمراء ؟ قالت الفتاة : أستمتع بالأزهار الجميلة ، قالت
لها سلمي في غرور ليس لكي شأن بأزهاري يا
سمراء :
يا سمراءُ ابتعدي عنِّي
لا تقتربي أبدا
منِّي
لا تقتربي من أزهاري
لا تقتربي من أسواري
وابتعدي أيضا عن داري
بكت الفتاة ومشت وهي حزينة ، تعجبت الفراشة من كلام سلمي وقالت لها :
لا يا سلمي ... لا يا سلمي
كنت أظُّنكِ
أكثر حلْما
كنت أظنكِ أكثر
فهما
فَلِمَ جرَحْتِ
قلبَ البنت
لا تمييز بسبب اللَّوْنِ
هذا يغضبُ رَبَّ
الكَوْنِ
أخذت سلمي تتجول في حديقتها والفراشات تطير حولها فوجدت نحلة تقترب من زهور
حديقتها . سمعت طنينها فقالت لها في تعجب لماذا انت هنا ايتها النحلة الغريبة ؟ كم أنت حقيرة ؟ ألا تجدين مكانا آخر تعبثين فيه هل تريدين لدغي وإيذائي ؟
قالت النحلة : جئت
لأتغنَّي بِجمالِ الحَقْلِ
وأمتَصُّ رحيقَ
الأزهارْ
أُخْرِجُ منها عَسلاً صافٍ
يَشفي من بَعضِ الأَمراضْ
فالزَّهرةُ تَفْرحُ بِقدومي
وتُردِّدُ خَيْرَ الأشعارْ
سمعت الفراشة ما دار بين سلمي
والنحلة فغضبت وقالت :
لا يا سلمي لا يا سمي
تلك النحلة تحمل
خيرا
تُخْرجُ شَهْداً
يشفِي مَرَضا
حتي لسعتها تشفينا
من بعض الأمراض
تقينا
ما أطيبها تلك النحلةْ
النحلة صديقة الزهور فهي تنتج العسل
لذيذ الطعم الذي فيه شفاء لأمراض كثيرة , وعندما تلسع النحلة الإنسان فهذا يزيد من
مناعة الجسم ضد الكثير من الأمراض .
علي غصن شجرة جميل وقفت البومة تتأمل جمال الحديقة، فنظرت إليها سلمي
باستغراب وقالت أنا لا أحبك أيتها البومة منظرك مخيف هيا أتركي حديقتي وابتعد عني ،
حزنت البومة ثم انصرفت .
نظرت الفراشة إلي سلمي وقالت لا يا سلمي لقد خلق
الله البومة لحماية هذه البيئة فهي تصطاد الفئران وتأكل الحيوانات المريضة فتمنع
انتشار المرض بين باقي الحيوانات.
لا يا سلمي لا
يا سلمي
فعلك هذا
يحمل ظلما
هذا الغصن لكل
الطير
للبومة أيضا
للنسر
البومة تصطاد الفأر
فدعيها تنعم بالغصن
تأخرت سلمي عن أمها فذهبت أمها
تبحث عنها فوجدتها تلعب مع الفراشات فانتظرت قليلا تراقبها ومن بعيد رأت سلمي طائرا كبيرا هو أبو قردان فذهبت له
سلمي مسرعة لتطرده من حديقتها .
فنادت عليها أمها وقالت لماذا تتجهي نحو أبي قردان يا سلمي، قالت سلمي أحاول يا أمي أن أبعد هذا
الطائر عن حديقتنا , ما أطول ساقيه ومنقاره ولا أحب شكله ، قالت الأم : لا يا سلمي فهو ينقي الديدان الضارة من الأرض ويأكل الجراد
الذي يضر النباتات وهو صديق للفلاح .
ابو قردان أبو قردان
ما أنفعه للإنسان
وهو صديق للفلاح
يحمي الأرض من الديدان
لا يا سلمي لا يا سلمي
اطمأنت الأم علي سلمي وتركتها تعلب مع فراشاتها , ثم قالت لها : لا سلمي لا تبتعدي عن المنزل كثيرا فقالت سلمي لا تقلقي يا أمي , فعادت أمها للمنزل وهي مطمئنة عليها .
وفجأة ذهبت الفراشات بعيدا عن المنزل
فجرت وسلمي خلفها وابتعدت عن البيت
ولم تعد تعرف طريق العودة إلي منزلها ، جلست سلمي وحيدة تبكي بكاء شديدا ، رأتها
الفتاة السمراء فقالت لها لماذا تبكين يا سلمي ؟
لقد كُنْتِ سعيدةً في الصَّباحِ ،
قالت سلمي : وهي تبكي لقد جريت خلف الفراشات ولم أعد أعرف طريق العودة إلي بيتي.
أخذت الفتاة السمراء بيد سلمي وقالت لها سأعيدك إلي المنزل هيا بنا ، قالت سلمي أرجو ان لا تحزني من ما فعلت ؟
قالت حسناء : لا عليك لقد سامحتك .
قالت لها سلمي : ما اسمك ؟ قالت اسمي حسناء
وفي طريق العودة نظرت سلمي من بعيد فوجدت والدها عائدا إلي البيت راكبا
حماره ، فقالت حسناء : من هذا يا سلمي قالت سلمي : هذا أبي هيا أسرعي لنلحق بأبي إلي البيت.
سأل والد سلمي من هذه الفتاة التي معك يا سلمي؟ قالت سلمي لقد نسيت أن أعرفك عليها يا أبي :
صديقتي الحسناءْ
اسمها حسناءْ
قلبها النقي يشع بالضياءْ
صَديقةٌ بالحبِّ والصدقِ والَوفاءْ
أحضر والدها معه من الحقل غناء كبيرا مليئا بعسل النحل , وقال لها : لقد احضرت هذا العسل خصيصا لك يا
سلمي إن عسل النحل مفيد ومغذ , وحكي
والدها عن أبو قردان وكيف نقي أرضه من الديدان ومن الجراد الضار بالمحصول
وحمد الله علي وجود البومة في حقله لأنها
خلصته من الفئران التي كانت ستهلك المحصول
فتذكرت سملي أنها اخطأت في حق
الجميع , وقررت ان لا تعود إلي ذلك أبدا .
وبعد أن تناول الجميع الغذاء شكرت سلمي حسناء وأهدتها باقة زهور من الحديقة
وقالت لها لقد تعلمت اليوم درسا كبيرا وهو
أن أحترمَ مخلوقات الله جميعا.