قريبا من بحيرة صغيرة عاشت مجموعة من الحيوانات تجري وتمرح سعيدة بالشمس
الساطعة والهواء النقي والمياه الصافية هذا جمل يجري وهذا فيل يتمايل ، وبقرة تشرب
من الماء وعلي غصن شجرة جميلة تجلس حمامةٌ بيضاء , الحيوانات سعيدة ولسان حالها يقول :
في سعادةٍ نحيا
في تعاونٍ
نمرحْ
حَوْلَنا زرعٌ جميلٌ
بَعْضُنا في الماءِ يَسْبَحْ
حولَنا زَهْرٌ بَهيجٌ
وطُيورُ الغابِ تَصْدَحْ
كانت
هناك ذبابة كبيرة مميزة بين أقرانها بقوتها ونشاطها المعتاد , ولكنها أيضا كانت معروفة بغرورها .
وذاتَ يومٍ من الأيام جاءت هذه الذُّبَابَة
إلي هذا المكان الجميل التي تعيش فيه
الحيوانات في سعادة وسرور وقالت : لا بد
أن أقوم بتعكير صفو هذه الحيوانات
فلن يهدأ لي بال حتي أقلق منامهم
وأزعجهم .
ظلت تتنقل في أرجاء الغابة من حيوان إلي آخر , تضايقهم وتقف علي طعامهم
وشرابهم وتصدر أصوات مزعجة في آذانهم وعندما يحاول أحد منهم
إبعادها كانت تضحك وتقول لهم أنا الذُّبَابَة السريعة لا أحد يقدر علي
ملاحقتي :
أنا الذُّبَابَة أنا الذُّبَابَة
أنا مَصدرُ إزْعاجِ الغابَةْ
لي قُدُراتٌ فوق العادةْ
أطيرُ في الهواءْ... بسرعة وذكاءْ
أُسبُّب القَلقْ ...
وأنقلُ الوَباءْ
ذهبت الذُّبَابَة المغرورة إلي الدب وأخذت تضايقه وتلاحقه هنا وهناك ولم
يقدر الدب علي دفعها أو إخراجها من منزله . ضحكت الذُّبَابَة وذهبت في اليوم
الثاني إلي الفيل وكررت ما فعلته مع الدب ولم يقدر عليها الفيل بالرغم من صغر
حجمها ، واغترت الذُّبَابَة بنفسها أكثر فأكثر.
وبعد أن أزعجت الذُّبَابَة كثيرا من الحيوانات فكرتْ في الذهاب إلي أقوي الحيوانات وهو الأَسَد.
ذَهَبَتْ الذُّبَابَة إلَي عَرينِ الأَسَد ونظرت من النافذة فوجدته نائما
فقالت في نفسها :
هذه فرصةُ عظيمة سوف أقتحمُ منزلَ الأَسَد أنا الذُّبَابَة الصَّغيرةُ وهو
ملك الغابة وَقَفَتْ الذُّبَابَة علي أنف الأَسَد وظلت تتحرك برعونة وتحومُ حولَ أَذَنِ الأَسدِ بِطنينِها
المُعتادِ حتي استيقظَ الأَسَدُ , و قال
لها الأَسَد في غضب :
اغْرُبي
عنِّي واتْرُكي أَنْفي
صغيرةٌ أَنتِ من أجْلِ ذَا جِئْتِ ؟
لتُظهري
مَقتِي تُضَيِّعِي وَقْتي
تَصْنَعي
كَبْتِي وتَمْنعي صَمْتي
تحدثت الذُّبَابَة مع الأسد في
كبرياء وغرور فانتفض الأَسَد غاضبا وزئر زئيرا كبيرا اهتزَّتْ لَهُ الغابَةُ .
حاوَل الأَسَد كثيرا أن يزيحَ الذُّبَابَة عن أنفه و لكنها كانت تطير وتعود
إليه مرة أخري فجاء بعصا كانت عنده ليقوم
بضرب الذُّبَابَة بها وهي علي وجهه فانتبهت الذُّبَابَة وطارت بعيدا وأصاب
الأسد اابنه بالعصا الشبل الصغير فتألم فغضبت
زوجة الأَسَد هي الأخري من تلك الذُّبَابَة اللعينة .
غضب الأَسَد وحزن وقال أنت يا
أيتها الذُّبَابَة الحقيرة تصنعي معنا كل هذا ؟
انصرفت الذابابة وخرجت بسرعة وهي
تنظر إلي الأسد بسخرية وغرور .
أسرع الأسد وقام بإغلاق النافذة
ثم جلس يفكر ماذا يفعل؟
قالت له زوجته : لكي تنتصر علي هذه
الذُّبَابَة اللعينة لابد أن تستخدم عقلك
بدلا من قوتك , فمهما تألمت أو غضبت لن ترفق بحالك ولن يزيدها ذلك إلا غُروراً .
سوف تعود ثانية لا بد أن نصنع لها
فخا ..
وفي اليوم التالي جهزت للأسد وجبة الغداء وضعت طبق الحلوي الذي تحبه الذُّبَابَة وتركت
النافذة مفتوحة .
شمَّتْ الذُّبَابَة رائِحةَ
الطَّعامِ فأقبلت مسرعةً ودَخَلتْ من
النَّافِذَةِ .
قالت الذُّبَابَة
:
هل تأكلُ وَحْدَكَ يا أَسَدُ
؟
وأَنا من جوعي أَرْتَعِدُ
قالَ لَها الأَسَدْ : تَفَضَّلِي تَفَضَّلِي
البيتُ بيتُكِ فاكُلِي
من
زوجتي لا تخجلي
ضحكت الذُّبَابَة المغرورة وقالت في نفسها : سوف سأقوم بوضع الميكروبات
والجراثيم في طعامه فيمرض وأخذت تتخيل الأَسَد هو وأسرته وهم مرضي وتضحك . ثم أسرعت الذُّبَابَة لتأكل من الطَّعامِ فأحضر الأَسَد شبكة صغيرة ووضعها سريعا فوق الذُّبَابَة فحبسها .
أخذت الذُّبَابَة تصرخ وتقول :
عذرا عذرا ياملكُ
عذرا عذرا يا
أَسَدُ
لا
تشغلْ بالَكَ بِذُبابَةْ
صَغيرةٌ يا مَلِكَ الغابَةْ
اتركني فأنا مِسْكينة
ضحكِ الأَسَدُ وقال : كم أنتِ مَغرورةٌ
يا ذبابة , لقد فاتَ الأوانْ .
لو لم تعودي إلينا ثانية
لتضايقينا لكنت سامحتك , ولكنك عدت وحاولت أن تأكلي من طعامنا وتسببي لنا
الأمراض .