باسم طفل شجاع يحب المغامرات ويحب الرحلات إلي الأماكن المختلفة .
وذات يوم من الأيام أعلنت المدرسة
عن القيام برحلةٍ مدرسيةٍ إلي الأهرامات ,
فرح باسم كثيرا وقال سوف أشترك في هذه الرحلة إنها فرصة عظيمة لأعرف تاريخ أجدادي
من القدماء المصريين .
سوف أستمعُ مع زُملائي إلي تعليماتِ المعلِّمِ مشرفِ الرحلة لكي أستمتع
بالرحلة أكثر .
وأثناء الذهاب نبَّهَ المعلِّمُ علي التلاميذ بضرورة السير معا في مجموعة
واحدة حتي لا يتخلف أحدٌ من التلاميذ .
وعندما وصلت الرحلة إلي الأهرامات انشغل المعلمون والتلاميذ بمشاهدة عظمة الأهرامات
قال لهم المعلم :
نحن الآنَ أمامَ
القِمَّةْ
نحن الآن أمامَ العَظَمةْ
عظمةِ أهراماتِ الجيزةْ
من بَني الهَرمَ
الأَكبرَ ؟
من بناه خوفو
من بنَي الهرمَ
الثاني ؟
من بناه خَفْرعْ
من بني الهرم الثالث ؟
من بناه مُنْكَرَعْ
ولكنَّ باسم انشغل بشيءٍ آخر ,
فقد شاهد شيئاً يتحرَّكُ من بعيد فقال في
نفسه لابد أن أذهب لأعرف ما حقيقة هذا الشيء الكبير فأنا أحب المغامرة ومعرفة الجديد دائما .
ظل يسير ويسير ولا يلتفت يسمينا أو يسارا
, ولم يفكر أبدا في تعليمات المعلم .
وصل باسم إلي هذا المكان فوجد جملا
كبيرا يرقد علي الأرض ويجلس بجواره شيخٌ
كبير.
التفت باسم وراءه فلم يجد أحدأ من
زملائه ، فبكي بكاءً شديدا ثم قال :
معلِّمِي أَوْصاني بِحِكْمَةٍ ودَعاني
قال لا تبتعدْ
عن صُحْبَةِ الخُلاَّنِ
كونوا جميعا صَفَّا
وتَتَبَّعوا لِبَيانِي
سَمِعَ الجَميعُ نِدَاءه وأَنا سَمِعْتُ خَيالي
نظر الشيخ إلي باسم وهو يبكي , وقال
له : لماذا تبكي يا بني ؟ قال باسم تركت زملائي ولا أعرف كيف أعود إليهم
, أخذه الشيخ من يده ومسح علي رأسه وهدأ من روعه وقال له :
مالك يا باسمُ تبكي
لا تقلقْ أنتَ
كابني
سأعيدُ إليكَ
البَسْمَة
فاهدأ والتزم الحِكْمة
سأردك للأصحاب
لن تمشي خلف
سراب
ثم قال : لا تحزن يا بُنَّي سأساعدك في العودة إلي
زملائك ولكن بعد أن أقص عليك هذه القصة الجميلة ، التي حكاها لي والدي وأنا صغير .
قال باسم وقد عادت إليه البسمة وهدأ : ما هذه القصة يا شيخنا الكبير ؟
قال الشيخ : إنها قصة مارد في أرض ِالأقزام , نظر إليه باسمُ بتمعُّنٍ وجلس بجوارهِ علَي الرَمْلِ وبَدَأ يَسْتَمعُ
إِلَيْهِ .
قال الشيخ : كان قديماً في أرضٍ بعيدة وبيوت صغيرة عاش مجموعةٌ من الأقزام
يزرعون الأرض ويجمعون الثمار وهم سعداء بهذه الحياة , يكدون ويتعبون وهم سعداء
بحالهم .
نحنُ الأقزامْ نحنُ الأقزام
نحن الهِمَّةُ والإقدامْ
بسواعِدنا نَزْرعُ أَرْضاً
بتَوَحُّدِنا
نَصْنَع مَجْداً
بِتَوَكُّلِنا نَحْصُدُ سَعْداً
نحيا في
خيرٍ وسَلامْ
وفي يوم من الأيام ذهب أحدُ الأقزام إلي البحيرة
ليحضر بعض الماء فوجد جسما غريباً فيها
فخاف وعاد لزملائه وأخبرهم بما رأي ، فجاء جميع الأقزام إلي البحيرة ليعرفوا ما هذا
الشيء الغريب؟
فوجدوا
ماردا عجيبا ضخما قد ظهر وسط الماء
, فخافوا وارتعشوا ولم يتكلَّمْ منهمْ أحدٌ
.
شاهد النسر ما حدث ووجد أن
الأقزام خائفون , فقال لهم : لا تخافوا يا أهل القرية الكرام إنه المارد العملاق ، دعوني أتحدث معه .
اتجَّه النِسْرُ إلي المارد وقال له : لماذا جئت أيُها المارِدُ العَجيبْ
؟ قال المارد : جئتُ لأحقِّقَ لهمْ ما يَتمنَّونْهُ
قال النسر لأهل القريةِ : إذاً علًي كلِّ واحدٍ منكم أن يفكِّرَ فيما يُريدُ
ويتمني , ولتتجمعوا غداً في الصباحِ ليطلب كل واحد منكم طلبه من المارد ثم قال :
ظَهَرَ بأَرْضكمْ
ماردْ
لخيرِ بلادِكمْ قاصِدْ
فَتَجَمَّعوا لِتُحَدِّدوا
ما تَطْلبوهُ لِتَسَعْدوا
فَوْراً يلَبِّي رَغْبَةً
لكُمُ فَلا تَتَرَدَّدُوا
اجتمعت الأقزام إلا قزما واحد في الليل ليُفَكِّرَ كلُّ واحدٍ منهمْ في شيءٍ
يطلبهُ من المارد لتحقيقه ، وفي الصباح ذهبت الأقزام إلي المارد وطلبوا منه طلبا واحدا
لكل أهل القرية بأن يبني لهم بيوتاً كبيرة بدلا من هذه البيوت الصغيرة التي يعيشون فيها , وأن يحضر لهم ما لذ وطاب من الطعام ،.
حقَّقَ المارِدُ للأقزام مطالبهم ففرحوا جميعا .
ونظر الأقزام إلي القزم الذي رفض
أن يجتمع معهم هو وزوجته بسخرية وتعجب
.
سأله أحد أصحابه القزم وقال له : لماذا لم تجتمع مع الأقزام الأخرين ليحقق لك المارد
أمنيتك فنحن نعيش في بيتٍ صغير ونتعب كل يوم للحصول علي الطعام والشراب , قال
القزم : علينا أولا أن نعتمد علي الله
سبحانه وتعالي ولا نعتمد علي أحد غيره وأن نجد ونتعب ونزرع أرضنا فكل مجتهدٍ نصيب
.
ثم قال لهم :
مع تَعَبي تَحْلو حَياتِي
وبِجِدِّي أُثبتُ ذاتِي
لن أَطْلُبَ إلا من ربِّي
أنْ يزرقَني بِثباتِ
وبِعَرَقي أزرعُ أَرْضِي
وبِجُهْدي أَصْنَعُ مَجِدي
لنْ أَرْكَنَ لِخَيالاتِي
بدأ القزم يومه بصلاة الفجر ثم
توجَّهَ إلَي الَمْزرَعةِ يزرعها كعادته وتساعده زوجته وأبناؤه .
كان الأقزام يطلبون كل شيء من المارد وهو يحقق لهم ما يتمنون حتي الطعام والشراب , فلم يعودا بحاجة للعمل
ولا إلي الكد والتعب .
ومرت الأيام وأصبحَ لهذا القزم مزرعةٌ كبيرة وحيوانات كثيرة وأصبح من
الأثرياء
وذات يوم ذهب الأقزام كعادتهم إلي
البحيرة ليطلبوا من المارد الطعام والشراب فلم يجدوا المارد ظلوا ينادون بصوت عال
فلم يرد عليهم , فشعروا بالحزن والندم
علي اعتمادهم عليه ,
وأشتد بهم الجوع فعادوا إلي منازلهم فوجدوا كل شيء عاد إلي حالته القديمة إلا بيتا
واحدا وهو بيت ذلك القزم الذي اجتهد في عمله واستعان بربه فتحققت أمنياته.
طلبوا منه الطعام فقال لهم سأعطيكم ما تطلبون من الطعام لكن بشرط أن تعودوا
للعمل ومن لم يعمل لن أعطيه طعاما .
عاد الأقزام إلي منازلهم , عادوا للعمل بسواعدهم وزراعة أرضهم ولكنهم
تعلموا درسا كبيرا من ما حدث لهم .
قال باسم : كم هي قصة جميلة أيها
الشيخ الكريم ، قال الشيخ : هيا لأعيدك
إلي أصدقائك في الرحلة.
أخذ الشيخ باسماً وأتجه به إلي اصحابه الذين كانوا يبحثون عنه , وكانوا علي
مقربة منه .
فرح باسم بعودته إلي أصدقائه وندم علي ما فعل وقرر أن لا يترك زملاءه أبدا
.
حمدا لك يا ربي
أنْ عُدْتُ لأَصْحابِي
لنْ أَسْمَعَ وأُلَبِّي
لِخيالٍ كَذَّابِ
أَتَمَسَّكُ بِنَصيحَةِ
أمَّي أوْ أُسْتاذي