رهوان حمار صغيرٌ سمَّتْهُ أمه بهذا الاسم لأنهُ
كان رشيقا جميلاً جذابا سريعا جدَّاً .
صارَ رَهوانُ مُدَلَّلاً بَيْنَ أَقْرانِهِ لِمَهاراتِهِ المُخْتَلِفَةِ
, و الصِّغارُ والكِبارُ يُحبُّونَ رَهوانَ لِجمالِ روحه وبَساطَتِهِ , ونصحته امُّهُ أنْ لا يَلْعَبَ معَ أحدٍ منْ
الصِّغارِ إلَّا منْ أفْرادِ قَبيلَتِهِ.
فَكَّرَ رهوانَ في التنَوُّعِ في صداقاته فأراد أنْ يلعبَ معَ ثعلوبْ الصَّغير في مثلِ سِنَّه
, فرح ثعلوب به صديقاً , ولَكِنَّ أمَّ ثَعْلوبٍ حينَ رأتْهُ يلعبُ مع رَهوانْ نَهَرَتْهُ وجَذَبَتْهُ وقالَتْ لَهُ : أتلعبُ
مع حِمار ؟ كيف ذلك أنت ثعلبٌ وهوَ حِمارٌ
.
حزن رهوان
كثيرا وانصرف , وشَكي لأُمِّهِ ما حَدثَ له . فحزنت كثيرا وقالت له : ألم أقلْ لك يا
بني لا تلعبْ بعيداً عنِّي ...
لمْ يَتَراجَعَ رهوان
عن حبه للصداقات المختلفة , فأرادَ
أنْ يَلْعَبَ معَ مَيْمون وهو قِرْدٌ صَغيرٌ
مثلُهُ , فَقَالَ ميمونُ له : يا حِمار أَتٌريدٌ
أنْ تَلْعَبَ مَعَ أَذْكَي حَيواناتِ الغابَةِ ؟
هلْ جُننْتْ ؟
حزن رهوان كثيرا ولكنه لم يشتكِ لأمه هذهِ المرَّةَ لأنه يعلمُ أنَّها ستغضبُ لأَنَّهُ لمْ يسْمَعْ
كلامَها .
ذهب رهوان إلي غَزالَةٍ
صَغيرَةٍ وطَلَبَ مِنْها أَنْ يُصْبِحَ صَديقاً لَها : لمْ تَلْتَفِتْ إليْهِ الغَزَالَةُ
ولم تُلْقِ لَهُ بالاً .
حزن رهوان أكثر ولم يعد يطلب من أحدٍ أنْ يُصادِقَه .
وذات يوم بينما كان
رَهَوَانْ يَشْربُ منْ البُحَيْرَةِ
سَمِعَ أَحَدَ النُّسورِ يُعايِرُصديقاً لَهُ ويَقولُ لَهُ : هل أنت حِمارٌ ؟
لم تكنْ النُّسورُ تَشْعُرُ بأنَّ هُناكَ أَحَدَاً يشربُ
من البُحَيْرَةْ أسَفْلَ الشَّجَرَةِ .
حَزِنَ رَهَوَانُ كَثيراً وقَرَّرَ أنْ لا يَطْلُبَ منْ
أَحَدٍ منْ خارِجِ قَبيلَتِهِ أَنْ يَكونَ صَديقاً لَهُ
وجَلَسَ يُفَكِّرُ كَثيراً .
وحَدثَ نَفْسَه قائِلاً : لِماذا خُلِقْتُ حِماراً ؟
وذهبَ إلي
الفيلِ الحَكيمِ وحَكي لَهُ ما حَدَثَ لَهُ :
قالَ له الفيلُ :
يا بُنَيَّ لا تَحْزَنَ , لقدْ وزَّع
الخالِقُ القُدُراتِ بينَ جَميعِ المخْلوقاتِ
, فإنْ كُنْتَ من قبيلَةٍ تَفْتَقِدْ لِصِفَةِ
الذَّكاءِ ففتِّشْ عنْ نَفْسِكَ سَتَجِدُ أنَّ لَدَيْكَ قدُراتٌ أخري جميلة وكثيرة فهذه هي
صفاُتك الجميلة التي يجب أنْ تَنْظُرَ إِلَيْها
.
اقتَنَعَ رَهوَانُ بِكَلامِ الفيلِ ..
وظلَّ يُفَكِّرُ كَثيراً ويُفتَّشُ في نَفْسِهِ فَوَجَدَ أنَّهُ يَمْتازُ بالصَّبْرِ والقُدْرَةِ علَي تَحَمُّلِ
العَمَلِ الشاق والمُسْتَمِرّْ , فقرَّرَ أنْ يُكَرِّسَ جُهْدَه للعَمَلِ والجِدِّ
.
ومَرَّتْ الأيَّامُ
وكَبُرَ رَهَوانُ وأَصْبَحَ نُموذَجاً يُحْتَذَي بِهِ في الجِدِّ والعَمَلِ
..
وأصبَحَ الجَميعُ يَقولونَ لِكُلِّ مُجْتَهِدٍ ودَؤوبٍ وصَبورٍ في العَمَلِ ( صَبورٌ كرَهوانْ )