ماجد تلميذ فى الصف الثالث الإبتدائى والده
يعمل ساعياً فى المدرسة التى يدرس بها كان ماجد قوى البنية ولكن لم يكن ممتلىء الجسم
فقد كان جسمه رياضياً وحقاً كان يقول المدرسون له أنت خير مثال لهذه الحكمة العقل السليم
فى الجسم السليم كان ماجد متميزاً فى لعبه كرة القدم وكان يحصل دائما على البطولات
مع فريق فصله وكان مجتهداً فى مدرسته ولكن لم يكن الأول على الفصل بل كان يحصل دائما
على الثالث أو الرابع فى كل عام ومع ذلك لم يكن يبالى تماماً بالترتيب المهم فى نظرنا
أنه من المتفوقين وكان رئيساً للفصل كان ماجد يحب أن يكون رئيس الفصل ويتنافس عليها
, أصبح فى العام الثانى وكان يحب دائما المشاركة
فى الرحلات المدرسية والأنشطة الإذاعية المدرسية وفى العام الرابع بدأ أكثر يحب الإذاعة
المدرسية ويشترك أكثر فى الأنشطة المدرسية حتى أصبح ماجد من الطلاب المعروفين والمشهورين
عند كل المدرسين فهو يمتاز بلباقة فى الحديث وحسن المعاملة كما سماها المدرسون الدبلوماسية
فقالوا على ماجد بأنه دبلوماسى مع ملامح وجهه البريئة والجميلة فقد أحبه المدرسون وأصبحوا
يأخذونه فى كل رحلة تابعة للمدرسة .وفى العام الخامس بدأ اسم ماجد يلمع فى المدرسة
نشاط فائق الحدود وحسن معاملته وتميز فى المدرسة بدأت الغيرة تأكل فى قلوب الحاقدين
عليه بدأ أصدقاؤه يعيرونه بأن والده ساعياً أما هم فإن بعضهم والده طبيباً والآخر والده
مهندساً والآخر والده مدرساً كلهم أباؤهم
ذووا رؤوس أموال وأوضاع إجتماعية أفضل من والد ماجد والأسوأ من ذلك صديقه الأول والثانى
دائما على الفصل أصبحا يعيرانه أكثر فقد
كان والد الأول صيدلى وعمه طبيب أسنان كانت
والدته طبيبة ووالدها مدرس وخاله ضابط شرطة وزوج خالته يعمل قاضياً أما ماجد فخاله يعمل حلاقا وعمه يعمل فى إصلاح الأحذية
. لم يسلم ماجد من ألسنة زملائه كانت أعينهم تقتله وحتى الجيران بدؤا يعيرونه لأنه
أفضل من أولادهم أما الكثير من المدرسين فكانوا يحبونه وكذلك التلاميذ وحتى ناظر المدرسة
ولكن بعض المدرسين كان يحاول أن يسبه أمام والده الذى يعمل ساعياً حتى يشعره بأنه أدنى
من زملائه قدراً كل ذلك كان يترك أثراً سيئاً فى نفس ماجد ومر العام الخامس ولم يتنازل ماجد مع كل هذا عن
أمجاده التى تزداد وفى الصف السادس زاد النشاط الجاد لماجد وحصل فريق ماجد على كأس
المحافظة لكرة القدم والأدهى والأهم أن ماجد حصل فى إحدى اللعبات الفردية وهى الجرى
لمسافات طويلة على الثالث على المحافظة وحصل على ميدالية برونزية ولم يترك النشاط المدرسى
والرحلات ولحب المدرسين له أخذوه إلى كل الرحلات حتى وضعوا اسمه فى الرحلات التى ستكون
فى الصيف بعد انتهاء العام الدراسى أما أصدقاؤه الأول والثانى فقد حصلوا هذا العام
على نفس الترتيب وحصل ماجد على الترتيب الرابع على المدرسة أما هما فقد حققا المركز
على المحافظة أصبحا يقولان له أنت لست متفوقاً إلا فى مالا ينفع فى الرياضة التى هى
لعب وتضييع وقت أما نحن فمتفوقون فى الأشياء المفيدة التى تؤهلنا لأن نصبح أفرادا جادين
مثل آبائنا أما أنت فربما أصبحت مثل والدك
ساعياً أو مثل عمك أو خالك وحمد الله أنهما
لم يحضرا معه رحلة الصيف ليعكرا عليه صفو الرحلات فقد كان سيصاب بالإكتئاب النفسى من
جراء كلامهما وإعجابهما بالنفس ,
بدأت المكائد تفتل لماجد فى الصف الأول الإعدادى فاتفق الحاقدون عليه فى إحدى
المباريات أن يصيبوه وأصيب مرات عديدة ولم يكن يعلم بأنهم يقصدونه وخاصة وأنه نجى منها
بخير ولكن لما يئسوا منه أصابوه إصابة حادة
ونقل على إثرها للمستشفى وتم تجبير قدمه وذراعه وحققت المدرسة فى هذا الحادث
واتضح أن الحاقدين على ماجد تعمدوا ذلك وكان عقابهم قاسياً وشديداً أمام الزملاء واستمر
ماجد فى العلاج شهراً كاملاً ثم عاد إلى المدرسة ولكن ضاعت عليه فرصة الفوز هذا العام
فقد كان هو الديناموا الذى يحرك فريقه ولم يحصل على أى مركز وفرح الحاقدون فرحاً شديداً
وشمتوا فيه أما هو فقد تجاهل كل هذا , وفى العام الثانى الإعدادى فأجأهم ماجد لقد اشترك
فى الصحافة المدرسية وأيضا أصبح رئيس الصحافة المدرسية وقام بإعداد مجلة المدرسة وكان
رئيس تحريرها وحصلت هذه المجلة على الأولى على المحافظة واشترك فى مباريات الرياضة
ولكن كان حذراً ولم يستطع أحد إصابته ولكن لسوء حظه لقد أصيب فى حادث سيارة وتم نجاته
بمعجزة خارقة وترك الحادث أثراً سيئاً بقدمه فأصبح يعرج عليها وشمت الشامتون والحاقدون
وقالوا عليه الأعرج ولقد حرمت من اللعب والرياضة إلى الأبد لقد خسرت أهم وأجمل شىء
عندك كان هذا الكلام جارحاً لمشاعر ماجد وخاصة وأنه أوشك على الامتحانات التى كانت
حادثته مؤثرة على تركيزه ومذاكرته ولكنهم قالوا ربما رسبت هذا العام فقد دخلنا فى الامتحانات
ولم تذاكر طوال شهر كامل هو أهم شهر فى العام الدراسى والغريب أن بعض الجيران كانوا
على نفس شاكلة هؤلاء الحاقدين خاصة الذين كانت حالتهم تقارب حالة ماجد المادية والإجتماعية
أى كان آباؤهم يعملون فى أعمال بسيطة فقد عيروا
أم ماجد وأبيه وقالوا له سيصبح ابنكم أعرجاً والحمد لله لا أحد من أولادنا كذلك ولن
ينفع فى أى عمل حرفى ينفعه فى المستقبل وكان والد ماجد يحرج أن يقول لهم إننى لا أريد
أبداً أن يكون ابنى حرفياً بعد هذا التعليم وإن ابنى مستواه الدراسى يؤهله لأن يصبح
متميزاً قالوا له سيرسب هذا العام إنه لم يذاكر وهو مشغول بالتميز في لعبة الكرة التى
ضيعت مستقبله حزن والد ماجد ووالدته ووفروا له كل وسائل الراحة والإستقرار وهو أيضاً
أصر على المذاكرة بجدية واجتهاد وظهرت النتيجة وكانت مفاجأة مدوية لقد حصل ماجد على
المركز الثانى على المدرسة ومع ذلك لم تزد هذه الحالة أى حاقدين عليه إلا حقداً فظلوا
يدبرون له ويتوعدون وكفاه نظراتهم كان يسير فى الشارع ويرى الجيران الحاقدين ينظرون
إليه نظرة الحسد فتمتلىء نفسه بالحزن الشديد ويقول فى نفسه لماذا يكرهوننى إننى لم
أقدم لهم شيئاً إننى أحب الخير لهم إنهم يريدوننى فاشلاً مثل أولادهم والله لن أتركهم
يشمتون فى وحينما كان يجلس على السرير قبل
النوم كان يفكر ماذا أحب أن أكون وماذا أتمنى هل أحب أن أكون طبيباً أم مهندساً أم
مدرساً أم مذيعاً أم صحفياً أم هل ستكون نهايتى مثل والدى ساعياً فى المدرسة ويعيرنى
الحاقدون بأننى قد أصبحت فاشلاً هل أكون مثل أصدقائى إنهم فيهم المتميز عنى فى المدرسة
ومع ذلك فآباؤهم أطباء وحتى أصبحت فى درجتهم العلمية فهم الأفضل منى فهم من عائلات
كبيرة ومشرفة وكان لا يصل إلى حل ولكن كان يقول المهم أننى أبذل مجهوداً أعظم منهم
وأشارك فى كل الأنشطة هل أتساوى بمن كل همه المذاكرة كما أننى أساعد والدى أحياناً
فى المزرعة , والمهم أننى لا أعرف ماذا أحب ان أكون سوف أعمل ما بوسعى وليس على انتظار
النجاح وجاء العام الثالث الإعدادى مالم يكن فى حسبان ماجد لقد أخيتر رئيساً لاتحاد
الطلاب بالمدرسة وكانت ضربة قاسية فى وجه أعداء ماجد لقد امتلأت قلوبهم حقداً وحسداً
ومع ذلك أصدر مجلة المدرسة وكان رئيساً لتحريرها وحاولوا عمل فتنة بينه وبين المدرسين وبينه وبين زملائه لأنهم حاقدين على زميل
عمرهم ماجد مع أنهم متميزين فى كل شىء وهدأت نفس ماجد فقد انكشفت آلاعيبهم أما الجيران
فلم يتغيروا وظهرت نتيجة العام الثالث الإعدادى وحصل ماجد على المركز الثالث أما صديقاه
الأول والثانى فقد تراجع كل واحد منهما خمس مرات فالأول حصل على الخامس والثانى حصل
على السادس وتميز آفراد آخرون كانوا غير متوقعين ولم يكونوا حاقدين على ماجد وفرح ماجد
جداً لهم لأن نجاحهم عذاب شديد لهؤلاء الحاقدين
بدلاً من أن يحقدوا على ماجد وحده لقد وجدوا آخرين يحقدون عليهم فيتوزع حقدهم ويشعروا
بالنقص وفى المرحلة الثانوية لم يكن ماجد مثل أصدقائه هؤلاء لقد كان شعلة من النشاط
فى كل شىء يتحرك فى كل شىء ويتعاون فى الأعمال الشبابية فى مراكز الشباب وفى المسابقات
الرياضية منظماً ومشاركاً فى الإنتخابات وفى تنظيم الدورات حتى أحبه كل من فى القرية
وإن قل نشاطه المدرسى قليلاً من ما جذب أنظار أهل قريته إليه وخاصة وأنه كان يعمل أيضا
فى محو الأمية وتحفيظ القرآن الكريم للأطفال الصغار وكل هذا مع صغر سنه جعل الكبار
يثقون فيه والأحقاد تزيد عليه أكثر فثقة المدرسين فيه جعلت الحاقدين يزدادون حقداً
فى نفس اللحظة التى اهتم فيها الحاقدون بملابسهم وبمصروف جيبهم وكانوا يعيرون صديقهم
المتوسط الحال وكانوا يأخذون حب الناس من خلال والدهم أو أقاربهم أما ماجد فكان الناس
يقدرونه بسبب نجاحه هو وعمله فقط لاعمل غيره وزادت الأحقاد والألفاظ والنظرات التى كان يشعرهم بأنه لم يسمعها والنظرات التى كانت
يتجاهل بأنه شعر بها ولسوء حظ ماجد فقد أصيب بمرض قبل الإمتحان بشهر واستمر المرض طويلاً
وحزن الكثير من المحبيين عليه ولكن لم ييأس لقد قاوم ودخل الامتحان واجتهد بكل طاقته
وظهرت النتيجة لقد حصل على مجموع بسيط لا يؤهله للكليات العظمى التى كان يحلم بها فالتحق
بإحدى الكليات المتوسطة المجموع ولم يحزن ماجد على هذا المجموع فقد علم بأن هذا نتيجة
للمرض فقد كان متوقعاً ذلك ولكنه حمد الله بأنه لم يرسب تماماً مثل أحد أصدقائه الذي
كان يحقد عليه لقد رسب تماماً وكانت نتيجته غير متوقعة أمام الناس وأمام نفسه وأسرته مما أثر عليه عصبياً أما هو فرضى بالقليل وقال سوف
أبذل ما بوسعى والله الموفق لقد ظل ماجد طوال سنوات الدراسة بالكلية يائساً من أن يشترك
فى الأنشطة كثيراً كما كان بل كان يشترك بقدر يسير جداً والغريب أنه لم يعد يشارك فى
الأعمال الإجتماعية أيضاً كثيراً وكان دائما يعير من الحاقدين عليه ماذا صنعت بأمجادك
القديمة أيها البطل , لقد التحقت بكلية عادية
بمجموع بسيط وأما الحاقدون المتميزون فالتحقوا بالكليات العليا فى المجموع كالطب والهندسة
والإعلام وقالوا له لقد كنا نقول لك ذلك ولا تسمع كلامنا , وها هى النتيجة لقد عاد
كل شىء إلى موضعه والغريب أن بعضهم أصبح رئيساً لاتحاد طلاب الكلية وذات مرة أصبح أحدهم
رئيساً لاتحاد طلاب الجامعة أما ماجد فلا شىء ولكنه أصر على الإجتهاد فى المقرر الدراسى
والعلمى وحصل ماجد على الأول على الدفعة ولم يكن أحد يبالى به كانوا يقولون له ماذا
فعلت بالمجد القديم لقد ضاع فى لحظة ولكنه قرر النجاح حتى جاء فى العام الأخير ووجد
أن الحاقدين عليه لم يتركوه فى حاله بل كانوا يرسلون له خطابات الشر والحقد وبأنه سيكرر
مأساته أما هم فقد تميزوا والدليل أنه لم يستطع
التحمل قد أصيب بالإكتئاب ولكنه لم يجد بداً من مواصلة العمل ولكنه قال لا بد أن أخدعهم
فادعى بأنه مرض مرضاً شديداً وذلك قبل الامتحان بأسبوع فجاء الحاقدون عليه يدعون بأنهم
جاؤا للاطمئنان عليه ولما اطمانوا إلى مرضه وبأنه لن يحقق النجاح سعدوا به وأقسموا
بأنهم لا يحبون له الشر وبأنهم يتمنون له الخير وكان يذهب إلى الإمتحان الأخير للعام
الأخير مع من يقوم بإسناده يوهمهم بأنه لن يتحمل التعب ودخل الإمتحان وظهرت النتيجة
وحصل ماجد على الأول على الدفعه وبامتياز مع مرتبة الشرف الأولى كانت النتيجة مثل القنبلة
التى انفجرت فى وجوههم وأصبح ماجد معيداً فى كليته وتزوج طبيبة بنت دكتور جامعى كان
مشرفاً عليه فى رسالة الماجستير وبعد أن حصل على الدكتوراة اشترى سيارة أفضل من التى
كانت عند زميل له سابق والمفاجأه الكبرى بعد
أن أصبح أستاذا أصبح ماجد وزيرا للتعليم وكان عمره
خمسون عاماً والغريب أن زملاءه هؤلاء الحاقدين
عليه جاؤا إليه ذات مرة يتوسلون إليه أن يشفع لهم فى ما فعلوه من أخطاء جسيمة فى مهنتهم والتى استدعت الفصل من
العمل نظر إليهم الدكتور ماجد وذكرهم بما كانوا يفعلونه وهنا تأسفوا له عما كان يحدث
منهم عفا عنهم وحمد الله على انتصاره عليهم ولم يفصلهم وهكذا يفعل الكرماء .