كان هناك طفل صغير بسيط متواضع اسمه سلطان يعمل فى الصيد مع والده ذلك الرجل الطيب
الذى لا يعرف الغدر ولا الخداع والمحبوب بين الناس كان يساعد المحتاجين ويتصدق كثيراً
ويقول هذا رزق الله أعطانى إياه بدون أن أتعب كثيراً ُوقد وسع على فى رزقى فآخذ ما يكفينى وأولادى وما زاد
عنى فهو للفقراء والمساكين وقد كفانى الله بما أعطانى من الصحة وراحة النفس وسلامة
أسرتى أما سلطان فقد كان تلميذاً متميزاً فى المدرسة ومع ذلك فقد كان معروفاً بحسن
الخلق والتواضع وكان له ثلاثة إخوة أصغر منه فى مراحل التعليم المختلفة وكانوا هم الثلاثة
من المتميزين والمجتهدين وسط الفصل .
كان الوالد يأخذ سلطان ابنه معه فى العمل
والصيد حتى يتدرب على هذه المهنة الجميلة وكى يساعده فى العمل بينما كان إخوته لم يزالو
غير قادرين على أن يخرجوا معه للعمل فى هذه
المهنة وقد كانوا صغاراً بعد وذات يوماً حطت سفينتهم على جزيرة صغيرة وسط الماء وجدوا
رجلاً هو وزوجته وأولاده الثلاثة على شاطئ الجزيرة بلا مأوى ولا عمل ولا طعام فقد دمرت
الأمواج العاتية منازلهم الموجودة على الشاطىء وأهلكت مزارعهم ولا يجدون من يساندهم
فى الجزيرة فكل واحد مشغول بما أصابه وأشفق والد سلطان عليهم فأطعمهم بما معه ثم أخذهم
معه فى سفينته الصغيرة إلى منزله وأجلسهم عنده وأطعمهم حتى أنه اشترى لهم منزلاً بجوار منزله ومرت الأيام واشترى
لهذا الرجل سفينة صغيرة أيضا حتى يجد لنفسه عملاً يستطيع به الإنفاق على نفسه وعلى
أسرته وظل يدربه حتى أتقن هذا العمل وبدأ يعتمد على نفسه ثم تركه واتجه هو إلى عمله
. كان سلطان يحب أولاد هذا الرجل ويهتم بهم ويسأل عنهم وكذلك كان حال والده كان دائم
السؤال عن جاره هذا وعن أسرته وكان سلطان متميزاً فى المدرسة ومعروفاً بحسن الخلق ولما
رأى أولاد الرجل لم يدخلوا المدرسة وقد تأخروا عن زملائهم فقد ألح على والدهم أن يدخلهم
المدرسة وأصر على طلبه وكان الرجل لا يهتم بهذا الأمر حتى طلب منه سلطان ذلك الأمر
فأدخلهم المدرسة وإن تأخروا عن أقرانهم ثلاث سنوات ومرت الأيام وكانوا الثلاثة من التلاميذ
المشهورين بالفشل العلمى وسوء السلوك أو سوء الخلق بين الزملاء ومع ذلك فكان سلطان
دائما ما يتجه إلى مساعدتهم فى أداء واجباتهم
وشرح ما يحتاجون إليه فهو أكبر منهم سنا وأكثر منهم علماً . أصبح سلطان معروفاً وسط
أهل بلدته بأنه رمز للتميز والنجاح فهو مع كل هذا لا يضيع وقته وإنما يساعد والده فى
أوقات فراغه وهو ابن مطيع وبار وحسن الخلق مع الجيران مثل والده . أصبح نجاح سلطان
وإخوته يمثل قلقاً شديداً ويولد حقداً لدى الجار المسمى عدنان هو وأسرته حتى أولاده أصبحوا مثله يكرهون
سلطان لتميزه ونجاحه أصيب والد سلطان بمرض شديد ولم يأت أحد منهم لزيارته وقد زارهم
كل أهل البلدة فهم يحبونه لحسن أخلاقه وعندما تحسنت حالته الصحية ذهب هو لزيارتهم ولكن
لأنه ظن بأنه لم يعلم بأنه مريض وبأنه غاضب منه لأنه لم يوده كعادته ولم يكن يعلم بما
فى صدره له ولأولاده مع أنه ازداد حقداً له لأن مرضه جعل الناس يحبونه
أكثر ويتقربون إليه ويدعون له بالشفاء
.فكر الجار عدنان فى وسيلة ليدمر بها حياة جاره فاستغل فرصة غياب الجار مع ابنه سلطان
أثناء ذهابهما لتسلم إحدى
جوائز التميز من المدرسة وأخذ سفينته وسط
المياه ثم أغرقها وسط البحر وجاء له يبكى وقال له لقد قطعت الأمواج حبل سفينتك ثم شدتها
الأمواج إلى داخل البحر وقلبتها وسط المياه وأقسم بأنه كان سيغرق حين حاول إنقاذ سفينة
جاره العزيز وصدقه الجار الطيب وحمد الله على كل حال ولكنه قال يجب أن أنسى مصيبتي
وأن أتجه لصناعة سفينة أخرى وساعده كل أهل بلدته عدى الجار عدنان الذى اعتذر بأنه يعانى
من آلام فى عظامه منذ شهور أما عدنان فلما
رأى السفينة قد اكتملت وأصبحت جميلة أشتد غيظه واشترى هو الآخر سفينة جديدة وكبيرة
وكان الجار عدنان لا يعطى الزكاة ولا يعطى محروماً ولا يتصدق حتى بالكلمة الطيبة علي أى مريض أو محتاج لا هو ولا زوجته وظل يعمل
والد سلطان بجده وجهاده دون تراجع عن حب المعروف ولا الإحسان وذات يوم مرض والد سلطان مرضاً شديداً وطالت مدة المرض ولم يزره الجار
عدنان ولا مرة ولكن والد سلطان أراد رؤية جاره فأرسل إليه ابنه يقول له بأنه يريد رؤيته
ولكن الجار عدنان قال له إننى مشغول والوقت عندى من ذهب أما سلطان فقال له إن زيارة
المريض واجبة على كل مسلم ولكنه قال له حين لا يكون مشغولاً فأكل العيش والجد والعمل
أهم من هذه الأمور التافهة وحزن سلطان جداً من رد جاره ولم يعلم والده بما حدث وفى هذه الفترة كان سلطان الصغير هو وإخوته الأصغر
منه هم الذين يعملون بالصيد بدلاً من والدهم المريض وذات يوم ومن شدة التعب أرسل سلطان
إخوته إلى المنزل وقال لهم سأستريح قليلاً ثم آتى إليكم ولم يكد يستريح حتى نام وسط
السفينة ودخل الليل عليه وبينما هو نائم إذ فك عدنان حبل السفينة وأدخلها وسط البحر
ثم قام ب محاولة إغراقها وهنا استيقظ سلطان ولم يعلم عدنان به فقفز الطفل سلطان إلى
الماء دون أن يراه الحاقد عدنان حتى لا يغرقه هو الآخر وظل يسبح فى خفية وحتى كاد أن
يغرق ولولا عناية الله أن قامت سمكة الدرفيل بإنقاذه إلى شاطئ البحر ونجا بأعجوبة عاد
سلطان إلى منزله وهو فى غاية الأسى والأسف من هذا الجار الحاقد وجاء عدنان فى اليوم
التالى يبكى هو وأولاده الثلاثة إلى والد سلطان وقالوا له ما قالوه فى المرة الأولى
وظلوا يبكون حتى ابتلت ملابسهم من الدموع ولكن
والد سلطان حمد الله هذه المرة أيضاً وقال الحمد لله فمعى مبلغ من المال ,
وسوف أشترى به سفينة جديدة وسوف تكون أكبر
أما سلطان فلم يعلم والده بما فعل ذلك الجار الملعون وقال فى نفسه ماذا يستفيد والدى
الرجل الكبير فى السن والمريض مرضاً شديداً حين يعلم بذلك إلا أن يزداد مرضه ويزداد
همه وظل يواصل الفتى سلطان الاجتهاد والعمل والمثابرة فى المذاكرة وكل يوم يسمع الرجل
عن أخباره الكثير من التفوق والنجاح هو وإخوته ويرى فشل أولاده فيزداد كرها وحقداً
فقرر أن يفضحهم حتى يكرههم الناس وجاء ببعض سبائك الذهب وأخفاها بجوار منزل سلطان ثم
أعلن فى الناس بضياع سبائك ذهب من منزله ثم جاء بشهود زور وأقسموا بالله أنهم رأوا
إخوة سلطان الصغار سرقوها وأخفوها فى هذا المكان وذهبوا وجاءوا بها وبهذا أثبتوا للناس
بأنهم سارقين وأقسم إخوة سلطان الصغار بأنهم أبرياء ولم يصدقهم أحد وهنا فرح ذلك الجار
ورضى عن ما فعل وقد لوث سمعة دار سلطان وقد ضاعت معزتهم من نفوس الناس وخاصة بعد أن
كانوا محبوبين جميعاً أصبح هذا اليوم يوم عيد عند هذا الجار الحاقد الذى لن تنطفئ نار
حقده أبداً وبينما سلطان نائم بجوار إحدى السفن على شاطىء البحر التى تعد للإصلاح إذ
سمع ذلك الجار يتحدث مع أحد رفقاء السوء مثله ويحكى بأنه هو الذى خطط لهذا العمل حتى
يلوث سمعة سلطان وإخوته وحتى يكرههم الناس ويقولون عليهم لصوصا بدلاً من محبتهم وبأنه بعمله هذا قد استراحت نفسه وهدأت نار
حقده وفجأة وجد الرجل سلطاناً نائماً فخاف
أن يكون قد سمعه ولكن سلطان استغرق فى النوم أكثر وادعى بأنه لم يسمع شيئاً ولما يئس
الرجل من إيقاظه انصرف وهو سعيد لأنه لم يسمع شيئاً من ما قال استيقظ سلطان وهو فى
غاية الأسف وهذه المرة تأكد من أن الشر قد تأصل فى قلب هذا الرجل ونسى أن والد سلطان
هو الذى أنقذه من الضياع واشترى له منزلاً وسفينة وأكرمه وعامله هو وأولاده أفضل معاملة
أهذا جزاء الإحسان ؟ ولكن سلطان سأل نفسه سؤالاً مهماً لماذا نحن دون بقية الناس يحقد
علينا ذلك الرجل ؟ ونحن الوحيدون الذين أحسنا إليه وهنا علم سلطان بأن السبب هو الحقد
على حب الناس لوالده ثم تميزه المبهر هو وإخوته على زملائهم وفشل أولاد هذا الرجل0
وهنا قال سلطان يجب أن آخذ حذري من هذا الرجل فهو لا أمان له أبداً ولن يرضى ولا يرتاح
إلا بفشلنا مثل أولاده وبعد هذا الحقد لن يرضى
حتى بالفشل سيرضى بأكثر من ذلك ولكن يجب أن أستعمل الحيلة حتى أستطيع التعامل مع هذا
الرجل .
وأول شيء استعمله أن باع السفينة الكبيرة
والجديدة والجميلة التى كانت عندهم بإذن والده ثم اشترى أخرى أصغر وأقدم وأما المال
فوضعه فى البنك كما قال في نفسه للزمن ولأن هذا الغدار يمكن أن يفعل أكثر من هذا ولهذا
أصبح سلطان فى حالة حذر شديد وعدم أمن له وخاصة وأن والده مريض مرضاً مزمناً ويحتاج إلى رعاية مستمرة فبدأ يحرص أكثر فى التوفير من ماله ومع ذلك لم يحكى لوالده
عن خيانة هذا الرجل حتى لا يحزن ولا يتأثر خاصة فى مرضه هذا وظل والده على هذا الحال
يظن بأن جاره جاراً طيباً صالحاً لا ينكر الجميل أما سلطان وإخوته فقد أصبحوا مسئولين
وحدهم عن السفينة الصغيرة والعمل بها لكى ينفقوا على أسرتهم ولم يتقدم عدنان لهم بأى
مساعدة ولا حتى بنصيحة فى يوم من الأيام هو ولا أولاده . أما سلطان فقد قال لا بد أن
أكشف ألاعيب هذا الرجل الحاقد وأن أعلن للناس
حقده وشروره ومع أنه كل يوم يزداد ثروة وغنى ويمتلك سفناً أكثر ومع ذلك لا يزداد إلا
جشعاً وطمعاً ومرت الأيام ومات والد سلطان ذلك الرجل الطيب المحبوب وحزن الناس جميعاً
عليه أما عدنان فقد كان فى غاية السعادة ولكنه أخفى أمام الناس سعادته وبينما كان سلطان
يصطاد فى البحر وجاره عدنان يصطاد بجواره إذ مرت موجة عاتية قلبت سفينة عدنان وأوشك
الرجل على الغرق ومعه أولاده الثلاثة ولكن سلطان مع علمه بما يحويه قلبه نادى لجميع
الصيادين من حوله أن هلموا بالمساعدة فأسرعوا جميعاً لإنقاذه وإنقاذ سفينته وكانت معجزة
من السماء أن نجا عدنان وذلك على يد أشد الناس كرهاً له أما السفينة فجروها إلى الشاطىء
حتى أعادوا إصلاحها وتجهيزها من جديد ومع ذلك لم يتقدم الرجل بكلمة شكر إلى سلطان ولا
إلى إخوته مع ما قدموه له ومرت الأيام وحصل سلطان على أفضل طالب على الجمهورية فى الثانوية
العامة وأصبح مرشحاً للالتحاق بكلية الطب ونشرت صورته فى الجرائد ونال جوائز عديدة
أما عدنان فقد اشتاط غضباً وخاصة وأن أولاده رسبوا الثلاثة فى المدرسة ونجح إخوة سلطان
بتفوق هم الآخرون وأصبح سلطان طالبا بكلية الطب قد ملأ قلب جاره عدنان بالحقد الشديد
وتأكد سلطان أن جاره لن يصبر على هذا الأمر وسوف يدبر لهم حقدا لا محالة ولهذا قال يجب أن نرحل بعيداً عن هذا الجار السىء
ولكن فى خفية قبل أن يفكر لنا فى شىء يدبره وفعلاً تم نقلهم إلى منزل آخر جديد ولكن
فى خفية دون أن يدرى جار السوء هذا وبعد أن انتقلوا مباشرة وجدوا أن هناك حريقاً هائلاً
شب فى المنزل فحمد الله على سلامتهم ولم يحزن على ما كان قد بقى من أثاث داخل هذا المنزل
وقال الحمدلله لو كنا فى المنزل حتى الآن لما استطعنا أن ننجو من هذا الحريق
وكتم فى نفسه أنه يعلم أن المدبر له هو
الجار الحاقد عدنان كان الجار سعيداً بالحريق ولكن لما علم ما حدث أصيب بذهول شديد
وبصدمة كبيرة حمد سلطان الله على السلامة وقال قد بعدنا عن نار جواره من المنزل ولكن
ماذا يمكن فعله ونحن جيرانه فى الصيد فى البحر لن يتركنا هذا الرجل هكذا إن نار الحقد
تضطرم فى صدره فى كل خطوة نخطوها ولكن ما ذنبى أنا وإخوتى الصغار الذنب أننا متفوقون
ولكن سنجعله يموت بغيظه وهو الظالم لنفسه والله سوف ينصرنا عليه طالماً أننا لم نقدم له شراً
وبدأ يحذر إخوته منه ويعلمهم بما يملك هذا الرجل من حقد وبما كان يفعله وما قدموه هم له من إحسان قوبل بالنكران
ومرت الأعوام وسلطان يذهب إلى كليته للدراسة بكلية الطب وهو يحقق التفوق المستمر كل
عام ويساعد إخوته فى العمل فى سفينة صيدهم والجار عدنان وأولاده لا يحمدون الله على
ما أعطاهم من مال ويحقدون على سلطان وإخوته المتفوقين كذلك ومرت الأيام وقد توالت الأعوام
وتفوق إخوة سلطان فى المرحلة الثانوية والتحق أحدهم بكلية الهندسة وفى العام التالى
التحق الثانى بكلية السياسة والاقتصاد وفى العام التالى التحق الثالث بكلية الإعلام
. بينما فى هذا العام فصل أولاد عدنان الثلاثة لفشلهم فى التعليم وأيضا لسوء سلوكهم
وسوء أخلاقهم من ما زاد غضب ذلك الجار الحاسد عدنان وأولاده معه وأصبحت النار تأكل
فى صدورهم ولما علم سلطان بذلك قال لا بد أنه هو وأولاده سوف يستعدون لفعل كارثة بهم
ومرت الأيام وهو يتلاشى التعامل معهم وجاءت الكارثة الكبرى سوف ينتهى سلطان من الدراسة
بكلية الطب وهو يستعد لذلك ليصبح طبيب البلدة الساحلية الصغيرة وسوف تقيم الكلية حفلة
التكريم للخرجين من الكلية وهنا قرر سلطان وإخوته أن يبيعوا السفينة الصغيرة التى عندهم
ويدخروا ثمنها وما كان قد ادخروه من أيام عملهم السابق أما هو فسوف يصبح طبيباً ويساعدهم
بقدر طاقته حتى يكملوا السنوات القليلة الباقية لهم فى التعليم ولكن سلطان قال لهم
سوف نتجه للمرة الأخيرة فى البحر وبعدها نودع
الصيادين حتى نستعد لحفلة التخرج وعلم عدنان الحاقد بذلك فقال والله لن أصبر عليهم
حتى يصبح سلطان طبيب البلدة ,
وظل يفكر فى حيلة قوية وأخيراً قرر أن يقوم
بإحداث ثقب صغير فى السفينة بحيث لا يشعرون به إلا بعد دخولهم إلى وسط البحر وساعتها
لا يستطيعون التصرف وحتى لو فكروا في الرجوع
لن يستطيعوا ويكون الوقت غير كاف وسوف تغرق بهم سفينتهم وحين يحاولون السباحة فسوف
تأكلهم سمكة القرش الموجودة فى هذه الأيام من السنة . واستعد عدنان فى الصباح الباكر
قبل أن يقوم من النوم أحد وأحدث بعض الثقوب فى السفينة وأقلع الإخوة الأربعة بالسفينة
ومن خلفهم عدنان وأولاده الثلاثة ولحسن حظهم كان اليوم عاصفاً فعادوا على الفور إلى
الشاطئ ولما وصلوا إلى الشاطىء وجد سلطان أن السفينة بها شيئاً غريباً قام بفحصها وأخيراً
علم أن بها عدة ثقوب وقام بسدها وتعاون هو وإخوته على إخراج الماء الزائد بها ثم أعادوا
السفينة إلى الماء وعلم سلطان أن الجار عدنان قد جاء فى هذا اليوم مبكراً وقد نزل إلى
الماء وهنا علم سلطان أنه هو الذى فعل ذلك بقصد أن تغرق بهم السفينة فى الماء وهنا
قال إخوته لن نقلع هذه المرة التى تمتلئ بالمخاطر ولكن سلطان هذه المرة قال لن نتراجع
مهما كان وطالما أنهم عزموا على شىء فيجب أن لا يتراجعوا ولأن الخطر ليس محصوراً فى
مكان واحد فيجب أن يتوكلوا على الله ولكن يجب أن يستعدوا ويأخذوا حذرهم وأقلعوا فى
اليوم التالى ومعهم بنادقهم وقال سلطان يجب أن لا نعود إلى وسط البحر ووجدوا أن الحاقد
عدنان ينتظرهم والشر يظهر من عينيه هو وأولاده وفجأة طلب منهم الاقتراب منه
لأنه يحتاج إلى بعض الخيوط لتدعيم شباكه
وبينما هم يقتربون منه تأخروا كثيراً فى السير فقد كانت شباكهم ثقيلة جداً فهى تمتلىء
بالأسماك الضخمة وما هى إلا ثوان وانفجر لغم شديد قبل أن يصلوا إليه والحمد لله هذه
المرة لم يؤثر اللغم عليهم بأى تأثير فلحسن حظهم هرب السمك الكبير إلى داخل شباكهم
المحيطة بالمنطقة وزاد من صيدهم هذه المرة تأكد سلطان أن هذه مكيدة ومصيدة كان قد نصبها
لهم الحاقد عدنان ولكن ماذا يصنع لقد جمع شباكه التى امتلأت بالأسماك وهم هو وإخوته
بالانصراف وما هى إلا لحظات وجاءت رياح عاصف وأمواج عاتية فتجمعت كل السفن حول سفينة
سلطان حتى تستطيع أن تتغلب على الأمواج العاتية واتصلت فيما بينها بالحبال الطويلة
وحتى لا تتفرق وتسيطر عليها الرياح أما عدنان فقد علم بحقد نفسه ولم يقترب منهم ولكنه
فى هذه اللحظة أخرج بندقيته هو وأولاده وقال لسلطان لقد آن الأوان يا سلطان بأن نقضى
عليك فى قاع البحر فلم يعد لدينا متسع من الوقت وهذا اليوم هو الذى كنت أنتظره منذ
سنين وإن نجيت من اللغم فلن تنجوا من البندقية هذه المرة ولم يكن يعلم بأن سلطان قد
أعد عدته هو وإخوته هذه المرة فأخرج أحد إخوته بندقيته وأصاب عدنان فى يده فوقعت بندقيته فى الماء وأصاب فى لحظة ثانية
أحد أولاده فى ذراعه ثم استلقوا جميعاً على سطح السفينة وهنا قام أحد أبناء عدنان بقذف سفينة سلطان بالرصاص حتى يحدث ثقوباً فى أسفلها
ولكنه هذه المرة وجد رصاصة قد دخلت عنقه فوقع فى الماء على الفور لتلتف حوله أسماك
القرش التى تملأ المكان خاصة فى مثل هذا الوقت من العام وتلاطمت الأمواج ثانية وكادت السفن كلها أن تغرق
لولا عناية الله ثم هدأت ثانية وهنا صاح عدنان إما نحن يا سلطان وإما أنت ولكن العواصف
سرعان ما عادت ثانية وعادت أقوى منها قبل ذلك وفجأة انقلبت سفينة عدنان وأوشكوا أن
يغرقوا جميعاً ولكن أحدهم جاء بالعوامات التى تساعدهم على السباحة وانطلق الثلاثة فى
الماء للنجاة ولكن أسماك القرش لم تتركهم لقد تجمعت حولهم وانطلقت صرخاتهم جميعاً وهنا
قام سلطان وإخوته بتصويب البنادق ناحيتها حتى تفرقت أسماك القرش وقتلوا منها الكثير
ومع ذلك مدوا الحبال للثلاثة لكى يأخذوهم إلى
سفينتهم حتى يعودوا بهم سالمين وبعدها تهدأ النفوس وما كادوا يمدون لهم أيديهم بالمساعدة
للوصول إلى أعلى السفينة حتى أخرج عدنان مطواة كانت معه فى خفية وأراد طعن سلطان بها
ولولا عناية الله فقد حركت الرياح قطعة من الخشب
من أعلى السفينة وقعت عليه مباشرة فدخلت المطواة فى صدره ووقع فى الماء وسط
الأمواج العاتية ولم يستطع أحد إنقاذه لأن سمك القرش قد تجمع حوله على الفور فقد أحس
برائحة الآدميين فى المنطقة أما الاثنان الآخران فتم إنقاذهما ولكن أحدهما حاول إخراج
مسدساً صغيراً كان فى ملابسه وحاول تصويبه ناحية سلطان ولكنه على الفور كان قد نال
ضربة صائبة من أحد إخوته البعيدين عنه فلقى حتفه على الفور وبقى واحد منهم صرخ وقال
لا تقتلونى لست مثلهم إن كنت لا أحبكم مثلهم إلا أننى لا أرضى أبداً بالقتل ولا أحبه
ولقد جئت مع أبى هذه المرة على مضد وكره والتفوا حوله وقيدوه بالحبال وهموا جميعاً
بالانصراف فالأمواج عاتية ولن تهدأ وانصرفت كل السفن المحيطة فى مجموعة وهى تدعو الله
أن ينجيها من الغرق وهكذا عاد سلطان وإخوته الثلاثة فى سلامة الله وعاد معهم ابن عدنان
الوحيد الذى بعد عن شرورهم ونجى من أحقادهم وندم على مشاركتهم لحقدهم وتاب من فعله
وعاد عن ما كان يدور فى صدره وقال سأكون إنساناً فاضلاً ولن أصبح مثل أبى وإخوتي سوف
أخلع الحقد عن قلبى فهو الذى أهلك أسرتى كلها وعندما عادوا وعلمت أمه بما حدث لإخوته
وأبيه ماتت هى الأخرى من الحسرة وأخلوا سبيله وباعوا السفينة وتركوا العمل بالصيد إلى
الأبد .
واتجه سلطان إلى الكلية ليحضر حفلة التخرج وليصبح
طبيب البلدة المحبوب والمتميز كما كان متميزاً فى دراسته .