يومياتْ مالِكْ وسميرْ
مالكْ وسميرْ صديقان ...
يحبُ كلاً منهما الآخر
هُما في نفس الفصلِ الدراسي
أولاد خالةْ
والأجملُ من ذلك أنهما جيرانٌ , المنزلُ بجوارِ المنزلِ
والأعجبُ من ذلك أن والداهُما
يعملانِ في نفسِ الشَرِكةِ
هيا بنا نتابع
يوميات مالكْ وسمير من خلال هذه
السلسلة
""""""""""
تعطلتْ
دراجتا سمير ومالك , فأصبحا يذهبانِ
إلي المدرسةِ سَيراً علي
الأقدام ْ .
قابلا أثناء سيرهما
رجلاً فقيراً ولما
رآهما اتجَه نحوهما ومَد يده
طالباً إحساناً .
كشرَ سميرُ عن أنيابهِ ولمْ يلتفتْ إلي المسكين .
بينما اتجهَ
مالكُ نحوه وأعطاهُ
نصفَ مصروفهِ اليومي .
قال سمير لمالك :
لماذا تعطي لهذا الرجل مالاً إنه
لا يستحق .
قال مالك ومن أعلمكَ أنه لا يستحقُ , ربما كان مريضاً ولا يستطيعُ العملَ .
قال سمير إننا
صغار ونحصلُ علي مصروفِنا من أولياءِ
أمورِنا , أما هو فمثلٌه يعمل وينفقُ علي أسرته .
قال
مالك إن أولياء أمورِنا ليسوا فقراءً , والحمد لله , و لهذا فلا ينقصُنا شيءٌ أما هذا فنحن
لا نعلم حالَه , قال سمير
أنا لم أقتنع بما تقولْ , ولهذا سنذهبُ
سوياً إلي المعلم ونتناقشُ في هذا
الأمرِ وستعلمُ أنني علي حق .
وحينما وصلا إلي المدرسةِ وجدا المعلمَ
أمامَهما فاستأذناهُ في أَمْرٍ خاصٍ ,
فأخذَهما إلي حُجرةِ المدرسين .
وحكي له سمير ما حدث
, وبعد أن استمع جيداً إلي كلامهما
قالَ لمالكْ إن ما
فعلتَ هو الصوابُ ,
هناك فرقٌ بين الصدقةِ والزكاة فالزكاةُ
تجبُ علي الأغنياءِ , أما الصدقةُ
فيقومُ بها أي إنسانِ ربما كان غنياً
أو متوسطَ الحالِ ولهذا
فما دَفعتُه أنتَ يا مالكُ للفقيرِ
هو صدقةٌ وستنالُ
بها أجراً إن شاءَ الله . قال سمير
: ربما كان هذا
الرجلُ غنياً ولا يحتاجُ المالَ ويدَعي الفقرَ , قال المعلم : قال رسول الله صلي الله عليه وسلمْ " اعطوا السائلَ ولو جاءَ
راكباً فرسا " .
يعني
طالما أن الإنسان
جاء إليك طالباً إحساناً
فأعطهِ إن كان معك مالْ
, لأنك لا تعلم حالَه
وهل هو محتاجٌ أم لا , لأنه إن لم يكن
مُحتاجا وكان يخدعُك فسوف يحاسبُه
اللهُ علي خداعهِ
أما أنت فسوف تنالُ
أجراً من الله علي صدقتك
.
انصرف سمير ومالكُ
وقد اقتنعَ سمير بكلامِ الأستاذ ووعدَ
مالكُ صديقَه أن
يشاركَه بعدَ ذلك في العطفِ علي الفقراءِ .
أصبح الرجلً
الفقيرُ يمرُ عليهما كلَ
يومٍٍ أثناء ذهابهما إلي المدرسةِ وأصبحَ سمير يعطي
له رُبع مصروفهِ كلَ يومٍ بينما مالكُ
كان يدفعُ له نصفَ مصروفهِ اليومي
.
وذات يومٍ جاءَ
الرجلُ كعادتِه ليطلبَ الإحسانَ
منهما ولكنَ سمير صرخَ في وجههِ
ودفعهُ بعيداً وقال
كفي يا رجل
كفي يا رجلْ , لقد سئمنا
منكَ كلُ يومٍ تأتي لتطلبَ
الصدقةَ , انصرفَ الرجلُ حزيناً مكسورَ
الخاطر , ولكنَ
مالك أسرعَ إليهِ وقامَ
بتهدئتهِ وأعطي لهُ
هذه المرة َ كلَ ما معه من مالٍ ثم عاد
إلي سمير ليعاتبَه بشدةٍ
علي ما فعلَ وقالَ له
:
ألم تتذكر قول الله تعالي
" وأما السائل فلا تنهر "
قال سمير :
ما معني ذلك
؟ قال مالك : يعني
لا تفعل مثل ما فعلتَ مع الفقير
فإما أن تُعْطيَهُ وإما أن تتركَهُ
ولا تسيء إليهِ
.
قال سمير لن أفعل ذلك
ثانيةً يا صديقي .
وفي اليوم التالي
مرا علي نفسِ الرجلِ المسكينْ
فنظر إليهما ولم
يطلبْ منهما صدقة .
ولكن سمير ذهب إليه
مُسرعاً واعتذرَ له وقال : اعذرني
وأرجو أن تُسامِحَني ولكنْ أرجو
أن تسيرَ معي قليلاً حتي نصل إلي المدرسةِ وسوف أعطيكَ كلَ ما معي من
مال .
فرح الرجلُ بكلامِ
سمير .
وسار معه ملياً
حتي وقفَ سمير أمامَ بوابةِ
المدرسةِ و كلُ الأصدقاءَ
ينظرون إليهِ
ثم أخرجَ سمير ما معه من مالٍ وأعطاه للرجلِ الفقيرْ ,
فرح الرجلُ فرحاً شديداً بما أعطاهُ سمير ثم انصرف
.
قال مالكُ لسمير
لم فعلت هذا ؟ قال
وماذا فعلتْ ؟
قال : لقد ضيعتَ ثوابَ الصدقة إن ما فعلتَه اسمُه رياءٌ
أنتَ فعلتَ الخيرَ
ليراكَ الناسُ ويقولون عليكَ بأنك
تتصدقُ علي الفقراءِ . وربما خسرتَ
الأجرَ ونِلْتَ ذنباً بفعلكَ
هذا .
قال سمير ولكني
أفعلُ الخير , قال مالك ولكنك تفعلُه
من أجل رضي الناس ولم تفعلُه من أجل رضي الله .
قال سمير سوفَ
لا أعودُ إلي ذلكَ ثانيةً .
وعلمَ مالكُ وسمير صدفةً
أن الرجلَ الفقيرَ الذي
يطلبُ منهما الصدقةَ كلَ يومٍ هو
أبو زميلٍ لهما
في الفصل . وجاء
سمير وسطَ الزملاءِ ونادي علي زميلهِ وقال
لهُ إنني أُعطي
لأبيكَ كلَ يومٍ
صدقةُ وإحساناً أنا وصديقي
مالك .
حزن الطالب ُ
كثيراً وانزوي في ركنٍ من الفصلِ
وكادَ يبكي .
ذهب إليه كلُ
الأصدقاءِ ليُهدئوا رَوْعَه
, ونظروا إلي سمير نظرةَ ضيقٍ من ما فعلْ
.
علمَ المعلمُ
بما فعلهُ سمير , فاستدعاهُ وقال
له لم فعلتَ هذا يا سمير ؟ إنك قمتَ
بتعييرِ صديقكَ علي فقرهِ
وأيضاً فضحتَه وأيضا
أنت تتباهي بأنكَ
تتصدقُ علي الفقير , لقد
أفسدتَ كلَ جميلٍ
فعلتَه , قال الله سبحانه و تعالي " ولا تمننْ تستَكثِر " أي لا تذكرِ الإحسانَ للناسِ
وتتعالي عليهم بإحسانكَ
إليهم . ولهذا لا بد
أن تعتذرَ لصديقِكَ عن ما حدثَ منك .
واعتذر سمير لصديقَه
الذي هدأتْ نفسُه بعد
اعتذارِ سمير له .
شعرُ سمير بالندمِ علي ما فعلَ وحكي
لوالدهِ كلَ ما حدثَ بينهُ وبينَ مالكْ , فحكي
والده هو الآخر لوالد
مالك ما حدث واتفقا أن
يصحبوا مالكَ وسمير معهما
وقتَ الذهاب إلي الفقراءِ
لإعطائهم زكاةَ أموالهم واتجهُوا
أولاً إلي الجيرانِ الفقراءِ وأعطَوْهم
زكاةِ المال .
وكان والدُ
مالك ووالدُ سمير يعطونَ الفقيرَ
المالَ وهم يبتسمون .
سأل سمير والده
لماذا تبتسمون وأنتم
تعطونهم الصدقات ؟
قال حتي لا نجرحَ
مشاعرَهم وحتي يشعرونَ بالأخُوة .
ثم اتجهوا بعد
ذلك إلي الفقراءِ
من الأقارب .
وسأل سمير والدَه
لماذا تذهبونَ إلي الأقارب ؟
قال الوالدُ لأن الرسولَ صلي الله عليه وسلمَ قال " الأقربون أولي بالمعروف "
يعني إذا كان
لك أحد من أقاربكَ يحتاجُ إلي الصدقةِ فعليكَ
أن تعُطِيَهُ فهو
أولي من غيره .
وبعد ذلك
الجار فالجارُ أولي بالصدقةِ من
البعيد .
فان لم يكن لك
أقاربُ ولا جيرانٌ فقراء . فأعط لمن
شئت .
تعلم سمير كثيراً
من خلالِ هذه الأحداثِ وأصبح يحرصُ
تماماً علي أن يشاركَ صديقَه مالكُ
في العطفِ علي الفقراءِ ولم يعُدْ
يجْرحُ مشاعرَ الآخرينَ بل أصبحَ
ليْناً معهم سَهْلاً .